هـوارى بـومدين
إسمه الحقيقي محمد بوخروبة ، أما اسم هوارى بومدين فهو اسم اتخذه طيلة الكفاح التحريرى ، من مواليد 23 أوت 1932 بهيلوبوليس (مشطة بني عدي) على بعد 15 كلم من قالمة و هو ينتمي إلى عائلة ذات سبعة أفراد . التحق بالمدرسة القرآنية بمسقط رأسه قبل أن يزاول دروسا بمدرسة "الكتانية" بقسنطينة من 1946 إلى 1949. و بخصوص تكوينه الجامعي، فقد درس بالزيتونة بتونس و بالأزهر بالقاهرة ليتفرغ إلى السياسة بالنضال في الأوساط الوطنية الجزائرية و المغاربية بالعاصمة المصرية. و عاد محمد بوخروبة إلى أرض الوطن و المقاومة بالناحية الخامسة (الولاية الخامسة مستقبلا) بطريقة جد متميزة بحيث أرسى بشاطئ يقع غرب مدينة وهران قادما من مصر على متن سفينة للنزهة و هي ملك لأميرة الأردن بشحنة من الأسلحة و المؤونة و العتاد العسكري. و كان في استقباله مسؤول المنطقة عبد اللطيف بوصوف الذي خلف العربي بن مهيدي.
أدمجه بوصوف في "مجموعته" حيث تبنى اسم الحرب "هواري بومدين" ليربط بين اسمين اشتهرت بهما منطقة الغرب الجزائري و هما "سيدي الهواري" الولي الصالح لمدينة وهران و "سيدي بومدين" المرابط الكبير لمدينة تلمسان.
و في سنة 1957، عين قائدا للولاية الخامسة بصفته مساعد لبوصوف وفي 1959 أسندت له مهمة حساسة ألا و هي إقرار النظام بصفته قائد أركان جيش التحرير الوطني في صفوف جيش الحدود خاصة بتونس اثر المؤامرة التي أطلق عليها إسم "العقداء الأربعة". و قد رسمه في هذه الوظيفة المؤتمر الثالث للمجلس الوطني للثورة الجزائرية.
و في مرحلة الانتقال إلى الاستقلال اختار قائد أركان الجيش الذي كان على خلاف مع الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية مجموعة التلمسان لدعم بن بلة الذي تولى السلطة في 9 سبتمبر 1962. و عين هواري بومدين نائب لرئيس مجلس الوزراء و وزيرا للدفاع في أول حكومة للجزائر المستقلة تحت رئاسة احمد بن بلة .
و في 19 جوان 1965 عزل بن بلة و شكل مجلس الثورة الذي يضم 26 عضوا منهم 19 عسكريا. و هو ابن ال33 ربيعا فقط اختار الاشتراكية كمنهج للبلاد معربا عن إرادته في بناء "دولة لا تزول بزوال الرجال". و خصصت حكومتاه اللتين تميزتا باستقرار كبير (تعديلين فقط من 1965 إلى 1978حوالي 30 بالمئةمن الميزانية إلى تسيير الدولة و التعليم و التكوين. كما انكب على استرجاع الموارد الطبيعية للبلاد و شرع في سلسلة من التأميمات الهامة التي بدأت بقطاع المناجم في ماي 1966 و بعده قطاع المحروقات في فيفري 1971.
و على صعيد السياسة الدولية للجزائر، دعم بكل قوة و عزم الحركات التحررية خاصة بالقارة الإفريقية. و بخصوص المبادلات غير المتوازنة فقد اشتهر خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1974 بمرافعة جد متميزة لصالح نظام اقتصادي عالمي جديد أكثر إنصافا.
و في 27 ديسمبر 1978، انتقل هواري يومدبن إلى ذمة الله اثر مرض عضال .
حُــكــم هوارى بومدين ...
سياسته الداخلية
بعد أن تمكن هواري بومدين من ترتيب البيت الداخلي , شرع في تقوية الدولة على المستوى الداخلي وكانت أمامه ثلاث تحديات وهي الزراعة والصناعة والثقافة , فعلى مستوى الزراعة قام بومدين بتوزيع ألاف الهكتارات على الفلاحين الذين كان قد وفر لهم المساكن من خلال مشروع ألف قرية سكنية للفلاحين وأجهز على معظم البيوت القصديرية والأكواخ التي كان يقطنها الفلاحون , وأمدّ الفلاحين بكل الوسائل والامكانات التي كانوا يحتاجون اليها .
الثورة الزراعية
وقد ازدهر القطاع الزراعي في عهد هواري بومدين واسترجعت حيويتها التي كانت عليها اياّم الاستعمار الفرنسي عندما كانت الجزائر المحتلة تصدّر ثمانين بالمائة من الحبوب الى كل أوروبا . وكانت ثورة بومدين الزراعية خاضعة لاستراتيجية دقيقة بدأت بالحفاظ على الأراضي الزراعية المتوفرة وذلك بوقف التصحر واقامة حواجز كثيفة من الأشجار الخضراء السد الأخضر بين المناطق الصحراوية والمناطق الصالحة للزراعة وقد أوكلت هذه المهمة الى الشباب الجزائريين الذين كانوا يقومون بخدمة الوطنية .
الثورة الصناعية
وعلى صعيد الصناعات الثقيلة قام هواري بومدين بانشاء مئات المصانع الثقيلة والتي كان خبراء من دول المحور الاشتراكي و الراسمالي يساهمون في بنائها , ومن القطاعات التي حظيت باهتمامه قطاع الطاقة , ومعروف أن فرنسا كانت تحتكر انتاج النفط الجزائري وتسويقه الى أن قام هواري بومدين بتأميم المحروقات الأمر الذي انتهى بتوتير العلاقات الفرنسية –الجزائرية , وقد أدى تأميم المحروقات الى توفير سيولة نادرة للجزائر ساهمت في دعم بقية القطاعات الصناعية والزراعية . وفي سنة 1972 كان هواري بومدين يقول أن الجزائر ستخرج بشكل كامل من دائرة التخلف وستصبح يابان العالم العربي .
الاصلاح السياسي
وبالتوازي مع سياسة التنمية قام هواري بومدين بوضع ركائز الدولة الجزائرية وذلك من خلال وضع دستور وميثاق للدولة وساهمت القواعد الجماهيرية في اثراء الدستور والميثاق رغم ما يمكن أن يقال عنهما الا أنهما ساهما في ترتيب البيت لجزائري و وضع ركائز لقيام الدولة الجزائرية الحديثة.
السياسة الخارجية
اجمالا كانت علاقة الجزائر بكل الدول وخصوصا دول المحور الاشتراكي حسنة للغاية عدا العلاقة بفرنسا وكون تاميم البترول يعد من جهة مثالا لباقي الدول المنتجة يتحدى به العالم الراسمالي امبريالي جعل من الجزائر ركن للصمود والمواجهة من الدول الصغيرة كما كانت الثورة الجزائرية درسا للشعوب المستضعفة ومن جهة أخرى وخاصة بعد مؤتمر الأفروأسيوي في يوم 3 أيلول – سبتمبر 1973 يستقبل في الجزائر العالم الثالث كزعيم وقائد واثق من نفسه و بمطالبته بنظام دولي جديد أصبح يشكل تهديدا واضحا للدول