يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- (( إن من حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه وأن يحسن أدبه)).
وقد شكا أحد الآباء إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب عقوق ابنه.
فقال عمر للإبن: "ما حملك على عقوق أبيك"؟
فقال الابن: يا أمير المؤمنين ما حق الولد على أبيه؟
قال: "أن يحسن اسمه، وأن يحسن اختيار أمه، وأن يعلمه الكتاب"،فقال: يا أمير المؤمنين إن أبى لم يفعل شيئاً من ذلك،فالتفت عمر للأب وقال له: "عققت ولدك قبل أن يعقَّك"!
إن تسمية الأبناء هي قضية هامة في كل بيت فقبل أن ترزق الأسرة بطفل جديد يبدأ أفرادها بالبحث عن اسم يناسب مولودهم القادم، البعض يستقى الاسم من اسماء معينة في العائلة وآخرون يحبذون بأن تكون أسماء أبنائهم كأسماء الأنبياء والصحابة رضي الله عنهم جميعاً، والبعض يجد في شخصية عالمية مثال يحتذى به لكي يسمي اسم مولوده الجديد والبعض يجد في شخصيات برامج التلفاز تشبه وقدوة حسنة أو قد يستعان بالأصدقاء أو بالبحث في الشبكة (الانترنت)، وهكذا لكل عائلة وجهة نظر في الاسم الذي سوف يحمله مولودهم الجديد، وفي نهاية المطاف فإن ثقافة الأسرة والبيئة التي ينتمي إليها الأبوين هي التي تحدد الاختيار في هذه القضة، ولكن السؤال الذي يجب أن يطرح: هل وضع الأبوين أنفسهم في موضع المسائلة لقضية اعتبروها حساسة منذ البداية ؟ فالطفل نفسه إن لم يرق له هذا الإسم سيبدأ بالسؤال: ما ذنبي بأن أحمل هذا الاسم ؟
طبعا إن كان الاسم غريب وغير ملائم مع البيئة التي سينشأ فيها هذا الطفل مما يجعله يعيش في عقدة نفسية من جراء تسميته بهذا الاسم والتي يعود معضمها إلى التسمي بأسماء الأولين التي ورثناها تحت مسميات عدة كالاحترام والتقدير الشديدين للآباء والأجداد والعرفان بالجميل وتخليدا للذكرى بعد الوفاة، فهو عرف ساد لوقت طويل، ويبقى السؤال: هل الإنسان يصنع اسماً أم الاسم يصنع الإنسان؟
كم من قادة عظام كانت أسمائهم غريبة وأفعالهم عظيمة؟ وكم من مستبدين عرفهم التاريخ بأسماء جميلة تدندن لها الآذان وأفعال يندى لها جبين البشرية ، يشير الإمام ابن القيم رحمه الله إلى أن هناك علاقة وارتباط بين الاسم والمسمى، وأن للأسماء تأثيراً على المسميات، وبالعكس، ويذكر رحمه الله جانباً تربوياً هاماً فى اختيار الاسم، إذ أن صاحب الاسم الحسن يحمله اسمه ويدفعه إلى فعل المحمود من الأفعال وذلك حياءاً من اسمه لما يتضمنه من المعاني الحسنة، ويلاحظ فى العادة أن لسفلة الناس ولعليتهم أسماء تناسبهم وتوافق أحوالهم.
فالاسم ذو الملمح الإسلامي يكون بمثابة الإقرار على أن صاحبه من أهل الإسلام، وليس هذا فقط بل المعتزين بإسلامهم، الفخورين بهويتهم الإسلامية، ولذلك أرشدنا النبي إلى أحب الأسماء فقال: ((تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمّام، وأقبحها حرب ومرّة)) إذا لتكن أسماء أبنائنا أسماء العبودية لله تعالى وكل اسم حمل معنى من المعاني النبيلة الدافعة لكل خير والحاجزة لصاحبها عن رديء الأخلاق والفعال، ولتنطبع في نفوسهم كل معاني الخير والاعتزاز بالدين الذي تحمله أسماؤهم، كما علينا أن نُعلم أبنائنا معاني أسمائهم فإن كان الإسم لنبي أو صحابي، فعلينا أن نذكر قصة هذا النبي الكريم أو حياة الصحابي الجليل أو حياة العلماء حتى يتعزوا بهذا الإسم ويقتدوا به في حياتهم.