تاريخ التّسجيل: aujour d huit
المشاركات: 213
الجنس: أنثى
Lightbulb "ماذا سيبقى بعد الرحيل حديث الجمعة "؟!""
حديث الجمعة
ماذا سيبقى بعد الرحيل ؟!
لا أعرف لماذا ترددت كثيراً عند كتابة هذا الحديث ؟!
ولماذا وقفت طويلا أمام فكرته !!
ولا أحد يعلم كم هو حجم المتاعب التي لازمتني في كل لحظة
مع كل حرف وضعته هنا اليوم
ولكنها مازالت "محاولة" فاشلة في مجابهة وتحدي هذا الخوف الساكن بداخلي
والذي ثارت ثائرته في لحظات كاد أن يحطمني فيها لولا ثقتي الكبيرة في الله
فأنا مثقلة منذ هذه اللحظة بالحيرة والقلق
فعندما تذهب البصيرة ما فائدة العين
وما فائدة المواويل في وديان الصمت
وإذا قُطعت النخلة الوارفة الظلال التي نسند عليها ظهورنا عند التعب ونتكئ عليها بأمان في لحظات السعادة
وتظللنا وتحتوينا وتتساقط علينا من ثمراتها ونمرح حولها بحرية
ماذا سيبقى لنا بعد رحيلها وقطعها
وإلى من سنمد يدانا في طلب المزيد من الحب والحماية والتوجيه
وكيف لشعاع الضوء أن يستمر في رسم خطوطه بدون مصدره
فبعد من نحب لا ظل ولا دفٌ ولا عزة ولا سعادة ولا حتى حياة
وهذا سبب آخر لخوفي اللاإرادي نحو الموت كي لا يخطف مني أغلى ما امتلكت
أطال الله في أعمارنا وعمر من أحب
لا اعلم فقد وجدت نفسي الآن سارحة بعض الشئ استعرض شريط من الأحداث البعيدة
لرجل أراه كل يوم في عيون والدي ورأيته يوما ما ولأول مرة في دموعه
رجل لم أذرف إلى اليوم دمعة واحدة في وفاة أحد ما بعد رحيله
فقد قدم لنا الكثير الكبير
وقصة بحياتي لسيدة تربطني بها علاقة ود حميمة خلقتها ظروف الأسرة
سيدة من عائلة ثرية أو ربما كذلك توفيت
وفي عزاءها المقام كان الجميع يتقبل العزاء بصدر رحب يتمتمون فيه ببعض الكلمات عن ذكرياتها الجميلة
وامتلأ المكان بالناس وبالذكريات معاً ، ولن أنكر أني لم اشعر
ولا للحظة واحدة بأنني في حالة وفاة سوى تلك العجوز التي أجهلها
لم أنسى عينيها و دموعها التي تجمدت أمامي حتى اللحظة
وما طبعته في ذاكرتي من صورة استحضرها دوما في لحظات
ولا أخفيكم أنني لم أستطع البكاء على السيدة
ولكن ما أجبرني على البكاء تلك المرأة العجوز وابنتها
فبينما كان الجميع يمارس طقوس العزاء من حزن وصمت لف المكان بوشاح اسود ثقيل
إلا أن عيناي وقعت على امراءة أجهلها في الحقيقة
فقد كانت فقيرة وغريبة على هذا المكان
لم يلتفت إليها أحد ولا حتى بكوب من القهوة البارد كبرودة الموت
ولكنها كانت غير آبهة بكل ذلك تبكي بصمت وبحرقة شديدة
وكأن صورة المتوفاة أو هي بنفسها ماثلة أمامها
وكانت الوحيدة التي رأيتها تبكي بحق على هذه السيدة
مما دفعني إلى التحدث إليها بفضول عن سر هذا البكاء وعن سر وجودها
فاقتربت منها وسألتها بحكم قرابتي من تلك السيدة : " هل تعرفينها ؟
أجابتني بعفوية وبانكسار وبصوت مبحوح يملؤه الأنين بأنها تعرف المتوفاة منذ زمن
ربما لم يكن هناك داع لسؤالي ولكني لم أعرف من أي الأبواب أدخل عليها
فقلت لها بهدوء : أرجوكِ لا تبكي كل ما تحتاجه الآن منك هي دعواتك الصادقة
تنهدت بعمق ورفعت عينيها ويديها إلى السماء لاهثة ببعض الدعوات من قلبها
احترمت صمتها وبقيت جالسة بجوارها وأنا مازلت في حيرة من أمري
حتى استدارت نحوي ببساطة وبعيون مليئة بالدموع وبالشوق
سأفتقدها كثيرا يا بنتي ولن ننساها فقد كانت امرأة طيبة جدا
تحضر لزيارتنا كل أسبوع أو اثنان تشاركنا فيها شرب الشاي
وتتناول معنا بعض من الكعك المحلى الذي تصنعه لنا بنفسها في منزلي
أو تجلبه معها بعض الأحيان
لم أجبها ولم أنظر إليها ولكني نظرت إلى كل تلك الأعين الفارغة التي تملأ المكان
وهززت رأسي وامتلأت عيني بالدموع الكثيرة مع آخر كلمات تلك المرأة
وسألت نفسي حينها ومازلت اكرر هذا الأسئلة على نفسي منذ تلك اللحظة
من سيبكي بصدق يا إيمان بعد رحيلك
وهل سيبقى هناك من يتذكرك في كل لحظة ويدعو لكِ بحب
وماذا ستخلفين من ذكرى قوية وطيبة بعدك تبقيكِ حية رغم رحيلك
وتبقى الإجابات مفتوحــــة عند كل عمل نقوم به في حياة كل منا
حتــــى لما بعد الرحيل