سونــــــاتــــــــــــــــــــــــة
السوناتة في معناها الكلاسيكي هي مقطوعة موسيقية تؤدى إما آلة واحدة ذات هارمونية كاملة كالبيانو مثلا أو آلة أخرى ميلودية كالكمان بمصاحبة البيانو وتتألف من مجموعة من الحركات.
وتتألف السوناتة عادة من ثلاث حركات: 1. الأولى وتكون معتدلة السرعة وتسمى أليغرو. 2. الثانية وهي تشتمل على حركتين بطيئة هادئة وغنائية الطابع وكثيرا ما تكون في قالب الأغنية الرفيعة Lied (الليد). 3. الثالثة وتكون سريعة وبراقة وذات صيغة تعرف بالروندو.
بيد أنه قد تضاف إليها أحيانا حركة رابعة وتكون عادة قبل الثالثة وتؤدي على شكل خفيف مرح. وكل حركة عادة ما تكون درجة في حبكة موسيقية كاملة.
وتكتب السوناتة أساسا لآلة البيانو ومنها ما يكتب لآلتين يكون البيانو أحدهما ويكون البيانو آلة رئيسية في السوناتة دائما لأنه الوحيد الذي يتمكن من عزف ثلاثة خطوط لحنية (بوليفونية) أو أربعة أو أكثر في نفس الوقت بينما تعجز آلات الأوركسترا عن عزف أكثر من صوت واحد بنفس اللحظة باستثناء الآلات الوترية.
والسوناتة كلمة إيطالية مشتقة من سوناري أي يسمع أو يعزف ويتغنى وقد التصقت التسمية بالمقطوعات التي تعزف بالآلات الموسيقية في مقابل النوعية الثانية التي كانت تغنى بالصوت البشري وتسمى كانتاتا. وهي مشتقة أيضا من اللاتينية وأصلها Contare بمعنى “ما يغنى” بالصوت البشري.
وهناك فرق بين قالب السوناتة وبين السوناتة كمقطوعة موسيقية مستقلة تستخدم قالب السوناتة أيضا في حركتها الأولى فالسمفونية مثلا وعلى وجه الخصوص السمفونية الكلاسيكية هي عبارة عن سوناتة مكتوبة للأوركسترا الكامل بينما السوناتة تكتب بوجه عام لآلة البيانو وكانت قبل وجود البيانو تكتب للآلات ذات لوحات المفاتيح مثل الكلافيكورد والهاربسيكورد وهي التي تطور عنها البيانو قبل منتصف القرن الثامن عشر.
تشتمل مقطوعة السوناتة على الحوار والدراما بين المقامات وجزئيات الألحان وتفاعلها ودراستها ولذلك فقد أصبحت الحركة الأولى في كل من السمفونية والكونشرتو والرباعي الوتري بل وسائر الأعمال الموسيقية الكبرى الأخرى مثل الافتتاحية وسائر أشكال موسيقى الحجرة الثلاثي والرباعي والخماسي والسداسي وأصبحت تكتب من قالب السوناتة.
وتطورت السوناتة لتصبح أهم القوالب الموسيقية على الإطلاق فهي ذات قالب يتألف من ثلاث مراحل أو أقسام، الأول ويسمى العرض والثاني وهو التفاعل أو التطوير بين ألحان القسم الأول والانتقال بها لمقامات أخرى. أما القسم الثالث فيسمى التلخيص أو إعادة العرض حرفيا من المقام الأساس للمقطوعة. وهذا القالب يحتكم إليه، عادة في الحركة الأولى وحدها.
تطور تاريخي كانت السوناتة متداولة في القرن السابع عشر في شكل مجموعة من الرقصات المتتالية التي تنتقل من السرعة إلى البطيء، إلى أن جاء المؤلف كارل فيليب ايمانوئيل باخ (خامس أبناء يوهان سباستيان باخ من زوجته الأولى) وطور السوناتة إلى موسيقى مستقلة بذاتها مبتدعا الشكل الجديد للسوناتة، ثم أضاف جوزيف هايدن شيئا كثيرا للتأليف بصيغة السوناتة، وفي القرن الثامن عشر ألف موزارت عددا من السوناتات ولمختلف الآلات الموسيقية، واستمر المؤلفون في التأليف بصيغة السوناتة وثبت على النحو الذي نعرفه الآن.
ظل هذا النوع من المؤلفات أكثر من غيره محتفظا بقيم الكلاسيكية في صنعة التأليف في هذا القالب الرصين، لم تُضَحِّ السوناتة بالمؤلف من أجل العازف، بل أصبح العازف دائما في خدمة الكتابة الموسيقية التي تسجل تاريخ الفكر والخيال والإلهام الموسيقي.
ترتبط السوناتة في أذهان جماهير الموسيقى بالشكل الذي وصلت إليه، في مؤلفات عظماء الموسيقى الكلاسيكية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وعلى رأسهم هايدن وموزارت و بيتهوفن .. فقد كتب كل من هؤلاء العباقرة عددا كبيرا من روائع التراث الموسيقي في قالب السوناتة. كتب بيتهوفن 32 سوناتة شهيرة قال عنها النقاد إنها كانت كافية لتخليد بيتهوفن وتمجيده حتى لو لم يكتب في حياته غيرها.