بسم الله الرحمن الرحيم
السيمفونية الثالثة: أهدى بتهوفن عمله السيمفوني هذا إلى نابليون بونابرت في البداية ، و بعدها مزق صفحة الإهداء عندما خاب ظنه بالرجل، حين أعلن نابليون نفسه إمبراطوراً لفرنسا.
و من المحتمل أن يكون هذا الخبر أو هذه الحادثة صحيحة، حيث أنه أضاف على النسخة الخطية العبارة الألمانية:
((جشريبن أوف بونابارته)). و ترجمتها: مكتوبة إلى بونابرت.
و من الواضح جداً، و الناتج فبل كل شيء من طابع المؤلف الموسيقي، بأنها ليست تصويرية لشخصية نابليون. و لكن في هذا الصدد يمكن أن يقال أن شخصية نابليون و ما قام به في البداية استطاعت بإيجابيتها أن تهز مشاعر بتهوفن الفنان الإنسان، و تهيج انفعالاته الباطنية و تدفعه إلى كتابة عمله الموسيقي السيمفوني الثالث، و تصيغه بطابعها البطولي المعروف.
و إلى جانب الارويكا أو البطولة نجد في السنوات العشر التي تبعت اتخاذ بتهوفن قراره حول اتجاهه نحو الطريق الجديد أعمالاً موسيقية مختلفة أخرى ذات طابع بطولي تحرري إنساني. و من الأعمال التي تبرهن على ذلك هي:
برومثيوس و المسيح على جبل الزيتون و ليوناره و كوريولان و إغمونت (التي سأكتب موضوعاَ عنها قريباً بعد انتهائي من هذا الموضوع)، و جميع هذه المؤلفات ذات طابع بطولي و محتوى متقارب.
و من حيث أطوال الحركات السيمفونية الأربع جاءت الحركة الأولى لسيمفونية بتهوفن الثالثة أطول من جميع حركات سيمفونياته التسع، هذا إذا استثنينا الحركة الخيرة لسيمفونيته التاسعة التي تختلف من حيث صياغتها عن جميع ما كتبه بتهوفن، و ما كتب من قبل في مجال السيمفوني.
الحركة الثالثة لسيمفونية البطولة (السيمفونية الثالثة) لبتهوفن معروفة باسم (شخرتسو) أو (شخرزو) و هي بالتالي جديدة من نوعها في عالم الأدب الموسيقي من حيث الشكل و المحتوى.
و في الحركة الرابعة يستعير بتهوفن جملة موسيقية سبق و إن استعملها في عمل سابق. و هي من مؤلفه الموسيقي المعروف باسم (برومثيوس). لأن بتهوفن أدرك شخصية برومثيا كبطل يعطي الناس شعلة الحضارة و الثقافة و التجدد. و لأجل ذلك كان على هذا البطل أن يتعذب أيضا. و من الناحية التأليفية التكنيكية، يستعمل بتهوفن في الحركة الرابعة التنوعات الموسيقية داخل شكل الفوجا الصغيرة، و ينقل الجملة الرئيسة في الطبقة الغليظة أي طبقة الباص، و بعدها يمزج الجملة الرئيسة مع باليه برومثيوس. و خلال استمرارية الحركة الرابعة يكتسب هذا المزج الموسيقي طابع البطولة، الذي يأخذ بالتنامي إلى أن يصل إلى ذروة الانتصار في نهاية الحركة.