الأحتكاك ظاهرة واسعة الأنتشار ولايمكن تناسيها أو إغفالها إلافي حالات قليلة . و رغم أن طبيعة قوى الاحتكاك لاتزال قيد البحث والدراسة وباب الحسم فيه لايزال مفتوحا على مصراعيه إلا أنه أمكننا استنباط قوانينه بصورة تقريبية بحيث تفي بغرض دراسة الحركة في وجود مثل هذه القوى .
وسنقتصر في هذا الفصل على دراسة الاحتكاك الحادث بين الأجسام الصلبة عندما تنزلق فوق بعضها البعض . ويعرف هذا الاحتكاك بالاحتكاك الانزلاقي . ويمكنك أن تتوصل إلى بعض من صفات قوى الاحتكاك هذه إذا قمت بدفع جسم ( كتاب ثقيل أو طابوقة مثلا ) على سطح مستو وبشكل تدريجي إلى أن يبدأ الجسم في الحركة ويستمر بعد ذلك في تحرك .
] جرب ذلك [ .
ثم إذا رفعت يدك عن الجسم فما الذي يحدث؟
في ضوء ما تعلمناه في الفصل السابق نتوقع أن تحدث القوة التي أثرنا بها في الجسم عجلة مهما كانت هذه القوة صغيرة . فما دامة هناك قوة غير متزنة فلابد لهذه القوة من إحداث عجلة . غير أنك وجدت من خلال النشاط السابق ، أن القوة في بداية الأمر لم تكن بالقدر الكافي لإحداث حركة في الجسم مما اضطرك إلى زيادة قوة الدفع هذه تدريجا الى أن أصبحت بالقدر الذي جعلت الجسم على وشك الحركة والانزلاق فوق صسطح المستوى الأفقي . وبقاء الجسم في وضع السكون خلال فترة زيادة القوة الخارجية دليل على أن محصلة القوة المؤثرة فيه تساوي صفرا . ولهذا نستنتج أن هناك قوة أخرى تؤثر في الجسموتعمل في أتجاه معاكس لاتجاه القوة التي تؤثربها أنت فيه ، وإلا لما أمكن للجسم أن يتزن لو كان واقعا تحت تأثير قوة واحدة فقط . كما أنك تستنتج أن هذه القوة ليست ثابتة في المقدار ،بل تزداد تدريجيا كلما زدت من قوة دفعك للجسم الى أن وصلت الى حد نهائي. هذه القوة هي التي نطلق عليها اسم "قوة الاحتكاك " .
ولنجر الآن نشاطا آخرأكثر دقة من النشاط السابق لعله يفيدنا في تأكيد ما توصلنا اليه من نتائج ويساعدنا على معرفة بعض الصفات الأخرى لقوة الاحتكاك .
انظر الى شكل (2-2) و لاحظ.
لاشك أنك توصلت الى أن قوة الاحتكاك تعمل دائما بحيث تعيق الحركة ( النسبية ) بين الجسمين المتلامسين . وما لم يبدأ أحد الجسمين في التحرك بالنسبة للجسم الاخر فأن متجه قوة الاحتكاك تتغير قيمته فتزداد بحسب القوة المؤثرة في الجسم وبحيث تبقى القوتان متساويتين . غير أنك تلاحظ أنه عندما يتحرك الجسم فأن قوة الحتكاك تقل بعض الشئ وتستطيع أن تحس بذلك أذا كان الجسم الذي تشده ثقيلا أذ ستحتاج الى قوة أقل لإبقاء على تحريك الجسم ، وهذا هو السبب في أنخفاض قراءة الميزان . وبالطبع فأن ذلك يعني أن هناك نهايه عظمى أو قيمة نهائية لقوة الاحتكاك بين الجسمين . وتصل القوة الاحتكاك الى هذه القيمة عندما يكون أحد الجسمين على وشك الحركة بالنسبة للآخر ، وتسمى القوة الاحتكاك عند أذ " قوة الاحتكاك الحرج " أو " قوة الاحتكاك النهائية " . وبمجرد أن يبدأ الجسم في التحرك تقل قوة الاحتكاك عن قيمتها النهائية وبذلك تلزم قوة أقل إبقاء الجسم متحركا . وتسمى قوة الاحتكاك هذه ، والتي تءثر في الجسم أثناء حركته،" قوة الاحتكاك الحركي "، وذلك تمييزا لها عن قوة الاحتكاك االتي تؤثربين الجسمين في حالة عدم وجود الحركة أو عندما يكون أحدهما على وشك الانزلاق فوق الاخر . وهذه الأخيرة تسمى " قوة الاحتكاك الاستاكيكي أو الساكن " وهي التي تتدرج قيمتها بين الصفر والنهاية العظمى، بينما نجد أن قوة الااحتكاك الحركي ثابته ( تقريبا ) وعلى مدى واسع من السرعات كما أن قيمتها تكون دائما أقلمن قوة الاحتكاك الحرج .
إضافة لما سبق ، تجد أن قوة الاحتكاك تتوقف على طبيعة السطحين المتلامسين ( من حيث الخشونة أو النعومة مثلا ) . ويمكنك التأكد من ذلك أكثر أذا قمت بإيجاد قيمة الاحتكاك الحرج في حالة شد المتوازي الذي استخدمته في هذاا االنشاط على أسطح مختلفة ثم بوضع طبقةمن الزيت أو الماء بين السطحين وتكرار ما سبق ( جرب ذلك ) .
كما تجد أن قوة الاحتكاك لا تتوقف على مساحة السطحين المتلامسين . وقد يبدو هذا الاستنتاج غريبا غير أننا سنوضحه بشكل أفضل عندما نتناول منشأ قوة الاحتكاك ونتحدث عن طبيعتها .
وفيما يلي سنحاول استنتاج علاقة تمكننا من حساب قوة الاحتكاك ومعرفة العوامل المؤثرة فيها بشكل كمي وليس فقط باالصورة الوصفية التي عرفناها من خلال النشاطات والناقشات االسابقة.
انظر الى شكل (2-3) و لاحظ ماذا يحدث.
غالبا ما ستتوصل( اذا قمت باجراء النشاط السابق بعناية ) الى أن قوة الاحتكاك االنهائية ( الحرج) التي عينها في االخطوة رقم (3) تساوي 2ح , أي ضعف القوة التي عينتها في االخطوة رقم (2) . وهذا يدل على انه عندما ضاعفنا القوة الضاغطة على السطح الأفقي ( وهي تساوي وزن الجسمين معا في هذه الحالة ) فإن قوة االاحتكاك الحرج تضاعفت ايضا. وهذه القيمة لم تتغير عندما وضعنا أحد الجسمين بجوار الآخر ( االخطوة 4) مما يؤكد ما توصلنا إليه سابقا من أن قوة الاحتكاك لا تتوقف على مساحة السطحين المتلامسين . أما في الخطوة (5) لابد وانك وجدت أن قيمة قوة الاحتكاك الحرج أصبحت 3ح , أي ثلاثة أمثال القيمة التي حسبتها الخطوة رقم (2) وذلك لأن القوة الضاغطة في هذه الحالة أصبحت هي الأخرى ثلاثة أضعاف قيمتها الأصلية .
والقوة الضاغطة على المستوى الأفقي في هذا النشاط تساوي بالطبع القوة العامودية التي يضغط بها المستوى على الجسم الذي يرتكز عليه ونظرا لأننا معنيون بالقوى المؤثرة في الجسم المتحرك , فإنه من الأفضل أن نتحدث عن القوة العامودية (ق) بدلا من القوة الضاغطة .
والحقيقة أن العديد من التجارب تؤكد أن :
( قوة الاحتكاك الحرج بين سطحين متلامسين تتناسب طرديا مع القوة العامودية الضاغطة بين هذين السطحين) .
فاذا رمزنا لقوة الاحتكاك بالرمز ح , و للقوة العمودية بالرمز ق, و الى االمقدار الثابت المسمى بمعامل الاحتكاك الاستاتيكي اوالساكن و هو قيمة عددية لايميز بوحدة بالرمز Mس فاننا نستطيع كتابة العلاقة.
ح(النهائية)=Mس ق . (2-2)
ومن الضروري أن تتذكر أن قوة االاحتكاك الاستاتيكي لن تساوي دائما القيمة المعطاة في العلاقة ( 2-2) . ومثلا إذا أثرت قوة شد ش في جسم كالموضح بالشكل (2-4) بحيث كانت هذه القوة غير كافية لجعل الجسم على وشك الحركة فإن القوة الاحتكاك الاستاتيكي في هذه الحالة تكون أقل من M س ق وذلك عندما يكون الجسم على وشك الإنزلاق .
وعندما يتحرك الجسم بسرعة ثابتة أو بعجلة فإن قوة الاحتكاك ستنخفض في هذه الحالة . وكما أشرنا من قبل فإن هذه القوة تسمى بالاحتكاك االحركي وتبقى هذه القوة ثابتة بعد ذلك مع إستمرار الحركة ولقد وجد أن قيمة هذه القوة تساوي :
ح ر = M رق (2-3)
حيث M ر هو معامل الاحتكاك الحركي وتكون قيمته من قيمة M س .
وتتوقف قيمة معامل الاحتكاك ( سواء M س أو Mر ) على نوع مادة السطحين المتلامسين فهو يختلف من مادة إلى اخرى , كما يتوقف على طبيعة السطحين من حيث الخشونة , النعومة , درجة الحرارة , ووجود شوائب أو زيوت وغيره .