قصـــائد أم كلثــــوم - مختارات
أراك عصى الدمع
شعر أبى فراس الحمدانى
لحن الشيخ أبو العلا محمد
مقام بياتى عام 1928
لحن رياض السنباطى
مقام كـورد عام 1964
أراك عصى الدمع شيمتك الصبر
أما للهوى عليك نهى ولا أمر
نعم أنا مشتاق وعندى لوعة
ولكن مثلى لا يذاع له سر
إذا الليل أضوانى بسقط يد الهوى
وأذللت دمعا من خلائقه الكبر
تكاد تضيء النار بين جوانحى
إذا هى أذكتها الصبابة والفكر
معللتى بالوصل والموت دونه
إذا مت ظمآنا فلا نزل القطر
وقالت لقد أغرى بك الدهر بعدنا
فقلت معاذ الله بل أنت لا الدهر
أراك عصى الدمع
إحدى روائع أبى فراس الحمدانى من شعراء العصر العباسى ، وسبق غناؤها بواسطة عديد من المطربين بألحان مختلفة ، ويظهر من إقدام السنباطى على تلحينها دخوله فى مباراة تاريخية فى تلحين القصائد ، وقد أبدع فى لحنها الجديد وأضاف صوت آلة غربية هى البيانو فى خطوة غير مسبوقة فى ألحان رياض
ســـلوا قلــبى
شعر أحمد شوقى
لحن رياض السنباطى
مقام راست 1946
سلوا قلبى غداة سلا وتابا
لعل على الجمال له عتابا
ويسأل فى الحوادث ذو صواب
فهل ترك الجمال له صوابا
وكنت إذا سألت القلب يوما
تولى الدمع عن قلبى الجوابا
ولى بين الضلوع دم ولحم
هما الواهى الذى سكن الشبابا
تسرب فى الدموع فقلت ولى
وصفق فى الضلوع فقلت تابا
ولو خلقت قلوب من حديد
لما حملت كما حمل العذابا
ولا ينبيك عن خلق الليالى
كمن فقد الأحبة والصحابا
فمن يغتر بالدنيا فإنى
لبست بها فأبليت الثيابا
جنيت بروضها وردا وشوكا
وذقت بكأسها شهدا وصابا
فلم أر غير حكم الله حكما
ولم أر دون باب الله بابا
وأن البر خير فى حياة
وأبقى بعد صاحبه ثوابا
نبى البر بينه سبيلا
وسن خلاله وهدى الشعابا
وكان بيانه للهدى سبلا
وكانت خيله للحق غابا
وعلمنا بناء المجد حتى
أخذنا إمرة الأرض اغتصابا
وما نيل المطالب بالتمنى
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما استعصى على قوم منال
إذا الإقدام كان لهم ركابا
ابا الزهراء قد جاوزت قدرى
بمدحك بيد أن لى انتسابا
فما عرف البلاغة ذو بيان
إذا لم يتخذك له كتابا
مدحت المالكين فزدت قدرا
فحين مدحتك اجتزت السحابا
سالت الله فى ابناء دينى
فإن تكن الوسيلة لى أجابا
وما للمسلمين سواك حصن
إذا ما الظلم مسهم ونابا
ســلوا قــلبى
إحدى قصائد سلسلة من أشعار أمير الشعراء أحمد شوقى قدمتها أم كلثوم ، وجميعها غنتها بعد وفاته ، حققت نجاحا كبيرا واستمرت إذاعتها حتى اليوم ، وعلى غير العادة قررت أم كلثوم إعادة غنائها فى إحدى حفلاتها بعد 21 عاما فى 1967 واستقبلت استقبالا حارا من الجمهور ، وهى من أفضل كلاسيكيات الموسيقى العربية
رباعيـات الخيـام
ترجمة أحمد رامى
ألحان رياض السنباطى
مقـام راست 1949
سمعت صوتا هاتفا فى السحر
نادى من الغيب رفات الشر
هيا املأوا كأس المنى قبل أن
تملأ كأس العمر كف القدر
لا تشغل البال بماضى الزمان
ولا بآت العيش قبل الأوان
واغنم من الحاضر لذاته
فليس فى طبع الليالى الأمان
غد بظهر الغيب واليوم لى
وكم يخيب الظن فى المقـبل
ولست بالغافل حتى أرى
جمال دنياى ولا أجتلى
الفلب قد أضناه عشق الجمال
والصدر قد ضاق بما لا يطاق
يارب هل يرضيك هذا الظمأ
والماء ينساب أمامى زلال
أولى بهذا القلب أن يخفقا
وفى ضرام الحب أن يحرقا
ما أضيع اليوم الذى مر بى
من غير أن أهوى وأن أعشقا
أفق خفيف الظل هذا السحر
نادى دع النوم وناجى الوتر
فما أطال النوم عمرا ولا
قصر فى الأعمار طول السهر
فكم توالى الليل بعد النهار
وطال بالأنجم هذا المدار
فامش الهوينة إن هذا الثرى
من أعين ساحرة الإحورار
لا توحش النفس بخوف الظنون
واغنم من الحاضر أمن اليقين
فقد تساوى فى الثرى راحل
غدا ومن ألوف السنين
اطفئ لظى القلب بشهد الرضاب
فإنما الأيام مثل السحاب
وعيشنا طيف خيال فنــل
حظك منه قبل فوات الشباب
لست ثوب العيش لم أستشر
وحرت فيه بين شتى الفكر
وسوف أنضو الثوب عنى ولم
أدرك لماذا جئت أين المفر
يا من يحار الفهم فى قدرتك
وتطلب النفس حمى طاعتك
أسكرنى الإثم ولكنى
صحوت بالآمال فى رحمتك
إن لم أكن أخلصت فى طاعتك
فإننى أطمع فى رحمتك
وإنما يشفع لى أننى قد
عشت لا أشرك فى وحدتك
تخفى عن الناس سنى طلعتك
وكل ما فى الكون من صنعتك
فأنت ملاه وأنت الذى
ترى بديع الصنع فى آيتك
إن تفصل القطرة من بحرها
ففى مداه منتهى أمرها
تقاربت يا رب ما بيننا
مسافة البعد على قدرها
يا عالم الأسرار علم اليقين
يا كاشف الضر عن البائسين
يا قابل الأعذار عدنا إلى
ظلك فاقبل توبة التائبين
رباعيات الخيـام
القصيدة الأصلية للشاعر الفارسى عمر الخيام و ترجمها أحمد رامى شعرا إلى العربية ، سميت بالرباعيات لكونها تتألف من مقاطع صغيرة فى كل منها أربع شطرات فى بيتين من قافية جديدة ، الشطرة الأولى والثانية والرابعة متماثلة القافية مع اختلافها فى الثالثة ، وبهذا تختلف عن القصيدة التقليدية من حيث عدم التقيد بنفس القافية ، وهى تقترب من شكل من أشكال الزجل إلا أن الزجل يكون باللغة العامية
والقصيدة مليئة بأبيات الحكمة وهو من أسرار نجاحها ، وهى من أعمال أم كلثوم الكبرى وحققت نجاحا هائلا
الأطــــــلال
شـعر د. ابراهيم ناجى
ألحان رياض السنباطى
مقــــام هــزام 1966
يا فؤادى لا تسل أين الهوى
كان صرحا من خيال فهوى
اسقنى واشرب على أطلاله
وارو عنى طالما الدمع روى
كيف ذاك الحب أمسى خبرا
وحديثا من أحاديث الجوى
لست أنساك وقد أغريتنى
بفم عذب المناداة رقيق
ويد تمتد نحوى كيد
من خلال الموج مدت لغريق
وبريق يظمأ السارى له
اين من عينيك ذياك البريق
يا حبيبا زرت يوما أيكه
طائر الشوق أغنى ألمى
لك إبطاء المذل المنعم
وتجنى القادر المحتكم
وحنينى لك يطوى أضلعى
والثوانى جمرات فى دمى
أعطنى حريتى أطلق يديا
إننى أعطيت ما استبقيت شيا
آه من قيدك أدمى معصمى
فلم أبقيه وما أبقى عليا
ما احتفاظى بعهود لم تصنها
وإلام الأسر والدنيا لديا
أين من عبنى حبيب ساحر
فيه عز وجلال وحياء
واثق الخطوة يمشى ملكا
ظالم الحسن شهى الكبرياء
عبق السحر كأنفاس الربى
ساهم الطرف كأحلام المساء
أين منى مجلس أنت به
فتنة تمت سناء وسنى
وأنا حب وقلب هائم
وفراش حائر منك دنا
ومن الشوق رسول بيننا
ونديم قدم الكأس لنا
هل رأى الحب سكارى مثلنا
كم بنينا من خيال حولنا
ومشينا فى طريق مقمر
تثب الفرحة فيه قبلنا
وضحكنا ضحك طفلين معا
وعدونا فسبقنا ظلنا
وانتبهنا بعد ما زال الرحيق
وأفقنا ليت أنا لا نفيق
يقظة طاحت بأحلام الكرى
وتولى الليل والليل صديق
وإذا النور نذير طالع
وإذا الجر مطل كالحريق
وإذا الدنيا كما نعرفها
وإذا الأحباب كل فى طريق
أيها الساهر تغفو
تذكر العهد وتصحو
فإذا ما التأم جرح
جد بالتذكار جرح
فتعلم كيف تنسى
وتعلم كيف تمحو
يا حبيبى كل شيء بقضاء
ما بأيدينا خلقنا تعساء
ربما تجمعنا أقدارنا
ذات يوم بعد ما عز اللقاء
فإذا أنكر خل خله
وتلاقينا لقاء الغرباء
ومضى كل إلى غايته
لا تقل شئنا فإن الحظ شاء
الأطـــــــلال
القصيدة المغـناة يختلف نصها عن القصيدة التى وردت فى ديوان ناجى بنفس الاسم ، وقد أضيف إليها مقطع من قصيدة أخرى لناجى وهو البادئ بالبيت هل رأى الحب سكارى مثلنا ، وبلغ التوفيق حده فى هذا المزج إذ أن ذلك المقطع بلغ ذروة القصيدة بل إنها اشتهرت به ، والشاعر الدكتور ابراهيم ناجى كان طبيبا بالفعل وعرف عنه إنسانيته البالغة فى معاملته لمرضاه حتى أنه كان يعطى مرضاه من الفقراء نقودا بدلا من أن يتقاضى منهم أجرا
رياض السنباطى فى هذه القصيدة حلق بالنغم فى آفاق جديدة ، فرغم شرقيته المفرطة إلا أن اللحن بدا وكأنه يطرق نغمات جديدة على السمع ، فقد تخلص السنباطى من كثير من الجمل التقليدية وصاغ جملا بعيدة عن التوقع ، وقد وفق تماما فى التعبير عن الموضوع نصا وكلمات بل وربما حروفا أيضا ، ويبلغ اللحن أقصى مداه فى التعبير فى تصوير الأبيات حسب موقفها الدرامى ، ومن عجائب لحن الأطلال أنه لم يلق ذلك القبول الفائق الذى لقيه فى أسماع الناس وقلوبها من أول مرة ، فقد جاءت الأطلال يعد موجة من ألحان عبد الوهاب لأم كلثوم وضع فيها كيرا من الإبهار ، وتعـود الناس على هذا الأسلوب حتى جاء السنباطى فبهر الجميع ليس بالآلات الجديدة ولا الإيقاعات الجذابة وإنما بقوة التعبير الفائقة والتى احتاجت لبعض الوقت حتى يمكن للجمهور قراءة النص جيدا ، خاصة أنها قصيدة شعرية
غنت أم كلثوم الأطلال فى إحدى حفلاتها بالقاهرة عام 1966، واختارت أن تغنيها بعد ذلك بعام على مسرح أولمبيا فى باريس عام 1967 وهنا قامت الدنيا ولم تقعد فقد استمع إليها مباشرة جمهور جديد ، وانبهر الناس بأدائها خاصة حين غنت أعطنى حريتى أطلق يديا ، وأحدث أداؤها دويا هائلا جذب الناس إليها جذبا ، وتظل الأطلال حتى يومنا هذا نموذجا رائعا للموسيقى العربية الأصيلة
أقبـــــل الليـــــــــل
شــعر أحمــد رامى
لحن رياض السنباطى
مقــام كــورد 1968
أقبــل الليــل يا حبيبى ونــــادانى حنينى
وسرت ذكراك طيفا هام فى بحر ظنونى
ينشر الماضى ظلالا
كن أنســا وجمــــالا
فإذا قلبى يشتاق إلى عهد شجونى
وإذا دمعى ينهـــل على رجع أنينى
يا هدى الحيران فى ليل الضنى
أين أنت الآن بــــــل أين أنـــــــا
أنا قلـب خفـــــاق
فى دنيا الأشـــواق
أنا روح هيمـــان
فى وادى الأشجان
تاه فكرى بين أوهــامى وأطياف المنى
لست أدرى يا حبيـــــبى من أنا أين أنا
با بعيد الدار عن عينى ومن قلبى قريبا
كم أنــــاديك بأشــواقى ولا ألقى مجيبا
تقبل الدنيـا على أهل الهوى أنسا وطيبا
وفؤادى كاد من فرط حنيــنى أن يذوبا
لو عدت لى رد الزمان إلىّ سالف بهجتى
ونســــيت ما لاقيت منه فى ليالى وحدتى
يا هدى الحيران فى ليل الضنى
أين أنت الآن بــــــل أين أنـــــا
تاه فكرى بين أوهــامى وأطياف المنى
لست أدرى يا حبيـــــبى من أنا أين أنا
أواه با ليــل طال بى سهرى
وساءلتنى النجوم عن خبرى
ما زلت فى وحدتى أسامرها
حتى سرت فيك نسمة السحر
وأنا أسبح فى دنيـــا تراءت لعيونى
قصة أقرأ فيها صفحات من شجونى
بين مـــــاض لم يـــــــدع لى
غير ذكرى عن خيالى لا تغيب
وأمـــــــــانى صـــــورت لى
فى غــد لقيــــــــا حبيب لحبيب
النوم ودع مقلتى
والليـل ردد أنتى
والفجر من غير ابتسامك
لا يبــــــدد وحشــــــــتى
يا هدى الحيران فى ليل الضنى
أين أنت الآن بــــل أين أنــــــــا
تاه فكرى بين أوهامى وأطياف المنى
لست أدرى يا حبيـــبى من أنا أين أنا
يا قلبى لوطال بى زمانى
وأنعـــم الدهـــر بالتـــدانى
تبســم الفجــــر لعيـــونى
وغــرد الطيـــر فى لسـانى
وبت بالنشــــوة أغـــــنى
والليل يروى الحديث عـنى
ياهدى الحيران فى ليل الضنى
قد غـــدوت الآن أدرى من أنــــا
أنا طير رنام
فى دنيا الأحلام
أنا ثغر بسام
فى صفو الأيـام
كنت وحدى بين أوهامى وأطياف المنى
والتقـــينا فبدا لى يا حبيبى من أنا أين أنا
أقبــل الليـــل
إحدى قصائد أحمد رامى القليلة نسبة إلى ما ألفه بالعامية ، ويظهر فيها تأثره بشعر العامية الغنائى فى كثرة تغيير الوزن والقافية وفى استعماله للتعبيرات الشائعة فى أغانيه العامية مثل ظنونى ، شجونى ، أنينى ، الضنى
وقد استخدم رياض فى هذه الأغنية آلة الأورج فى أكثر من مقطع ، ويبدو أنه قد أعجب بصوت الآلة الجديدة فكرر استخدامها فى عدة قصائد فى أواخر الستينات ، وكان فد عرف بأنه من الموسيقيين المحافظين لكنه اتجه للتجديد فى تلك الفترة متأثرا بما كان يقدمه محمد عبد الوهاب من تجديد كبير فى ألحانه لأم كلثوم ، وكان السنباطى عام 1964 قد استخدم آلة البيانو لأول مرة فى ألحانه بينما استخدمه عبد الوهاب فى العشرينات فى أغنية الصبا والجمال كما استخدمه سيد درويش قبل ذلك
أما أم كلثوم ، ورغم تجاوزها الستين عاما ، فقد أسرت السامعين بصوتها العذب وأدائها الساحر خاصة فى مقدمة هذه القصيدة ولا يمكن تخيل أنه بمقدرة مطربة أخرى أداء تلك المقدمة على ذلك النحو من إجادة التعبير