النموذج الأوّل مع الاجابة:
الموضوع الأول :
النص :
و أفكر في قومي المسلمين فأجدهم قد ورثوا من الدين قشورا بلا لباب ، و ألفاظا بلا معان ، ثمّ عمدوا على روحه فأزهقوها بالتعطيل ، و إلى زواجره فأرهقوها بالتأويل ، و إلى هدايته الخالصة فموهوما بالتضليل ، و إلى وحدته الجامعة فمزقوها بالمذاهب و الطرق و النحل و الشيع ، قد نصبوا من الأموات هياكل يفتتنون بها و يقتتلون حولها ، و يتعادون لأجلها ، و قد نسوا حاضرهم افتتانا بماضيهم ، و ذهلوا عن أنفسهم اعتمادا على أوليهم ، و لم يحفلوا بمستقبلهم لأنه (زعموا) غيب ، و الغيب لله ، و صدق الله و كذبوا ، فما كانت أعمال محمد و أصحابه إلا للمستقبل ، و ما غرس محمد شجرة الإسلام ليأكل هو و أصحابه ثمارها ، و لكن زرع الأولون ، لـ(يجني) الآخرون .
و هم على ذلك إذ طوقتهم أوربا بأطواق من حديد ، و سامتهم العذاب الشديد ، و أخرجتهم من زمرة الأحرار إلى حظيرة العبيد ، و ورثت بالقوة و الكيد و الصولة و الأيد أرضهم و ديارهم ، و احتجنت أموالهم و خيرات أوطانهم ، و أصبحوا غرباء فيها ، حظهم منها الحظ الأوكس ، و جزاؤهم فيها الجزاء الأبخس .
إنّ من يفكر في حال المسلمين ، و يسترسل مع خواطره إلى الأعماق يفضي به التفكير إلى إحدى النتيجتين : إما ييأس فيفكر ، و إما أن يجن فيستريح .
محمد البشير الإبراهيمي
المطلوب :
I- البناء الفكري :
1- ما القضية التي طرحها الكاتب ؟ و ما هو الهدف من طرحها ؟
2- لماذا حمّل الكاتب المسلمين أنفسهم مسؤولية تخلفهم و سيطرة الغير عليهم ؟
3- علام تدلّ آخر فقرة في النّص ؟ و ما تعليقك عليها ؟
4- لخص مضمون النّص بأسلوبك الخاص .
5- ما هو الفنّ النثري الذي ينتمي إليه النص و ما هي خصائصه ؟
6- ركز الكاتب في نصه على عرض الأحكام ، علام يدل ذلك ؟ مثل و اذكر علاقة هذه الأحكام بالنمط النصي .
II- البناء اللغوي :
1- أعرب ما تحته خط إعراب إفراد .
2- بين المحل الإعرابي للجمل الموضوعة بين قوسين .
3- بم يتميز القاموس اللفظي الموظّف في هذا النّص ؟ قدّم أمثلة عنه و بين علاقته بثقافة الكاتب.
4- وضح الصورة البيانية في قول الكاتب : " طوقتهم أوروبا بأطواق من حديد " و اذكر وجه البلاغة فيها .
5- ما المحسن البديعي الأكثر شيوعا في النص بين نوعه و أثره مع التمثيل .
III- التقويم النقدي :
من خلال دراستك للنص ، أتجد الكاتب محافظا أم مجددا ؟ علل مركزة على إبـراز اتجاه الكاتب الأدبي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الإجابة ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- البناء الفكري :
1- طرح الأديب و المفكر الشيخ البشير الإبراهيمي في هذا النص قضية اجتماعية " ضعف المسلمين : أسبابه و نتائجه " ، و الهدف هو إصلاح هذه الأوضاع و تغييرها إلى الأحسن .
2- يحمّل الأديب المسلمين أنفسهم مسؤولية تخلّفهم و سيطرة الغير عليهم ، ليطلعهم على مدى خطورة سلوكياتهم السلبية فيراجعوا أنفسهم و يبتعدوا عن الأوهام في إلقاء وزر الاحتلال على المحتل ، و بذلك يفتحوا باب الحرية ، و يخرجوا من نفق العبودية .
3- تذلّ أخر فقرة في النّص : " إنّ من يفكّر ...فيستريح " على أنّ حال المسلمين مزرية ، قد بلغت الأوج في التخلف تخلفا يبعث على الكفر ، أو يدفع للجنون ، و الأديب في هذه العبارة يبدو متشائما لهول ما يرى من ذلّ و هوان ، تسبب فيهما المسلم ، فألحق الضرر بنفسه ، و دينه ، و حضارته و إنسانيته ، و كذلك كان الحال في وقته ، و كذلك هو عليه الحال في وقتنا ، بل إنّ هذا الوضع قد تفاقم ممّا كان عليه حينها لاستفحال المرض في جسم هذه الأمّة ، غير أنّ الواقع لا ينضوي على هذه الصورة السوداوية فإلى جانبها تظلّ عيّنة من أخيار الأمة قائمة على أمور دينها ، و على أيديها تبعث كلّما آل نجمها إلى الأفول .
4- أرى قومي من المسلمين ، قد انحرفوا عن جوهر التعاليم الإسلامية ، قدسوا الماضي ، أغفلوا المستقبل و اعتبروه من أمور الغيب فمكنوا للغرب من أن يستعبدهم ، و يستولي على خيراتهم فيصيّرهم أذّلاء غرباء في أراضيهم ، مما يدفع المتقصي لحالهم إلى الكفر أو الجنون .
5- ينتمي النّص إلى فن المقال ، فهو بحث قصير في موضوع " التدين السلبي و أثره على الفرد و المجتمع " عرض وفق منهجية واضحة .
المقدمّة : "سطحية التدين عند المسلمين" من قول الأديب "...أو فكر...إلى معان"
العرض : "مظاهر التدين السطحي و نتائجه" من قول الأديب " ثم عمدوا...إلى الأبخس" .
الخاتمة : " مصير المتتبع لشؤون المسلمين كفر أو جنون.." من قول الأديب " إنّ من يفكر...إلى جنون " .
و هو مقال اجتماعي ، تناول الأديب من خلاله موضوع الدين و أثره على المجتمع " التدين الخاطئ يتسبب في الهوان و الاستعمار و الحرمان..." ، و الأديب يحاول من خلاله تقويم و توجيه سلوك الفرد و المجتمع ، فالشيخ البشير الإبراهيمي من خلال تحديد آفة التدين المزيف بين أفراد قومه يقصد إلى تقويم هذا السلوك و توجيهه بحيث تترك هذه السلوكيات إلى ما هو أحسن منها ، حتى تتحقق الوحدة ، و يتم الالتفات إلى بناء المستقبل .
ومن خصائص هذا النوع وضوح الفكرة ، و بعدها عن الغموض ، فالقارئ لا يحتاج أثناء قراءتها إلى إجهاد فكره ليتبيّن مدلولها ، مثل " فما كانت أعمال محمد و أصحابه إلا للمستقبل" ، " و ما غرس محمد شجرة الإسلام ليأكل هو و أصحابه ثمارها " .
و تصوير المشكلة و مناقشتها في هدوء ، يقوم على عرض الحكم ثم تعليله ، ثم تقديم النتيجة .
الاستشهاد بالنصوص الدينية " صراحة أو ضمنيا " مثلا " وصدق الله و كذبوا " ، "..و سامتهم العذاب الشديد.."
تجنب الإكثار من الخيال و الاعتماد على الواقع :
" و أفكّر في قومي المسلمين فأجدهم قد ورثوا قشورا بلا لباب ..." ، "...و إلى وحدته الجامعة فمزقوها بالمذاهب و الطرق و النحل و الشيع " ، "..و لم يحفلوا بمستقبلهم لأنّه زعموا غيب ،
و الغيب الله..."
و قد جاء أسلوب هذه المقالة الاجتماعية أقرب إلى الطابع الأدبي لأنّ الأديب يحاول إقناع القارئ بالكلام المنتقى المؤثر ,
6- ركز الكاتب في نصّه على عرض الأحكام ، و هذا يدل على نهجه الإصلاحي ، و رغبته في إحداث التغيير ، و من أمثلة ذلك "...و هم على ذلك إذ طوّقتهم أوربا بأطواق من حديد.." ، "..و سامتهم العذاب.." ، "..و أخرجتهم من زمرة الأحرار إلى حظيرة العبيد..."
و هذه الأحكام ذات علاقة بالنمط التفسيري و هو نمط النص لأنّ هذه الأحكام هي مادّة التفسير و الشرح .
II- البناء اللغوي :
1- المحل الإعرابي للجمل الموضوعة بين قوسين :
زعموا : جملة فعلية لا محل لها من الإعراب لأنها جملة اعتراضية .
يجني : جملة فعلية مصدرية في محل جر اسم مجرور .
2- يتميز القاموس اللفظي الموظف في هذا النص بالطابع :
أ- الديني الإسلامي : الدين ، هدايته ، التضليل ، الشيع ، ذهلوا ، صدق الله و كذبوا ، الإسلام ، سامتهم العذاب ، زمرة ، يكفر .
ب- العربي الأصيل : الصولة ، احتجنت ، الأوكس ، الأبخس ، و هذه اللغة تدل على ثقافة الأديب المتشبعة بالروح الدينية ، الإسلامية ، و الروح العربية الأصيلة .
3- قال الكاتب : "' طوقتهم أوربا بأطواق من حديد"
أطلق الأديب هذا المعنى و أراد المعنى الملازم له "الاستعمار" و "الإذلال" مع جواز إرادة المعنى الحقيقي فهو كناية عن صفة ، و يتمثل وجه بلاغتها في إعطاء الحقيقة "إذلال الاستعمار و التمكن من رقاب المسلمين " مصحوبة بدليلها و هو التطويق و الذي يعني الإحاطة من كل جانب .
4- المحسن البديعي الأكثر شيوعا في النّص :هو السجع و هو محسن لفظي و قد ساعد على تزيين الكلام من خلال الجرس الموسيقي الذي يحدثه توافق الفواصل في الحرف الأخير مثل :
" ..ثم عمدوا على روحه فأزهقوها بالتعطيل ، و إلى زواجره فأرهقوها بالتأويل ، و إلى هدايته الخالصة فموهوها بالتظليل "
".. و هم على ذلك إذ طوقتهم أوربا بأطواق من حديد ، و سامتهم العذاب الشديد ، و أخرجتهم من زمرة الأحرار إلى حظيرة العبيد" .
III- التقويم النقدي :
الشيخ البشير الإبراهيمي كاتب :
1- محافظ : جمع في كتاباته بين جلال المعنى و جمال المبنى ، يستمد المعنى جلاله من موافقته الحق بمقياس الدين ، أو العقل ، أو الواقع ، أو بهذه المقاييس مجتمعة مثال ذلك قوله " و أفكر في قومي فأجدهم قد ورثوا من الدين قشورا بلا لباب..." و قوله كذلك " و ذهلوا عن أنفسهم اعتمادا على أوّليهم ، و لم يحفلوا بمستقبلهم لأنّه (زعموا) غيب ، و الغيب لله ..."
و يستمد المبنى جماله من العبارة المحكمة النسج : " ثم عمدوا على روحه فأزهقوها بالتعطيل "
و العبارة العذبة الوقع : " و قد نسوا حاضرهم افتتانا بماضيهم ، و ذهلوا عن أنفسهم اعتمادا على أوّليهم " و العبارة الغزيرة الخيال : " ثم عمدوا على روحه ....الشيع"
2- مجدد : فهو رجل من رجال الإصلاح عاش واقع أمته المرّ ببصيرة مبصرة ، و سعى جاهدا إلى التغيير بما يساير مسار النهوض بها ، عالج في كتاباته مواضيع حساسة ، شديدة الصلة بالهوية ، و الوطن و القومية قصد إحياءها و بعثها من جديد .
3 ـ يعتمد التكرار والترادف والتضاد مع الاستمداد من التراث الديني والأدبي وهذا ما يسمى بالتناص بالمصطلح النقدي الحديث أو الاقتباس والتضمين.
4ـ التفنن في استخدام الأساليب اللغوية والبلاغية: التوكيد ، القصر ، النفي والإستثناء...
أسلوبه امتداد لمدرسة الصنعة اللفظية.
الوُم ُصَديقي وَهذا مُحالُ
صَديقي أحبُهُ كَلامٌ يُقالُ
وَهذا كَلامٌ بَليغُ الجَمالُ
مُحالٌ يُقالُ الجَمالُ خَيالُ