كيف تجتاز الأسرة أيام الامتحانات ؟

أعلنت الكثير من الأسر حالة الطواريء القصوى هذه الأيام نظرا لأن لديها أبناء سيجتازون امتحانات نصف العام؛ وحالة الطواريء هذه تعني أن تسود أجواء المنزل حالة شديدة من العصبية والتوتر والانفعال.
ويستشعر الأبناء في ظل هذه الظروف وطأة الضغط العصبي وهم يستمعون طيلة الوقت لجملة: ذاكر يا ولد.. ذاكري يا بنت، يستمعون إليها بلهجة أقرب إلى الصراخ والحقيقة أن الأب والأم يعيشيان فعلا مشاعر توتر حقيقية، حتى أنني أعرف بعض الأمهات يصيبهن القولون العصبي في هذه الأيام، وأعرف بعض الأسر التي باعت مدخراتها من أجل الإنفاق على الدروس الخصوصية للأولاد.. الحقيقة أن كثير من الآباء اختزلوا عملية التربية في التعليم الدراسي للأبناء على الحصول على أعلى الدرجات.
وليس هكذا تخطط الأسرة التي ارتضت الإسلام منهاج حياة.
فالطفل ينبغي أن يتلقى تربية متكاملة تعتمد على التربية الإيمانية وتتخذ ذلك منطلقا لتكوين الشخصية؛ فالطفل أيا كان المرحلة التعليمية التي يمر بها لابد أن يدرك قيمة العلم وأنه هدف له في الحياة وليست الدرجات الدراسية هي الهدف يقول الحافظ ابن حجر وهو يعلق على دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس أن يعلمه الله الكتاب أن "المراد بالتعليم ما هو أعم من حفظه والتفهم فيه" فالطفل المسلم يوقن أن التعليم ممارسة حياتية؛ بمعنى أنه يرفض فكرة الغش رفضا نهائيا حتى لو أتيحت له الفرصة، ويرفض بنفس الدرجة أن يجعل همه من الدراسة مجرد الحفظ لنماذج الإجابة النموذجية للحصول على أعلى الدرجات ثم إلقاء ما درس في مخلفات الذاكرة.
ليس معنى ما سبق أن علينا أن نتكاسل أو يكون أبناؤنا أقل من غيرهم في الدرجات والتقييم ولكن معناه أننا لابد أن نغرس في أبنائنا الأهداف العليا للتعلم ثم نجعل مسألة الدرجات هذه مسألة تشجيعية تحفيزية.
الطفل المسلم يعلم أنه يتعبد إلى الله تعالى بتعلمه "من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة" .
وهذا يجعله يحسن عملية التعلم كما علمه دينه أن يحسن ما يقوم به من عمل "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" .
وفي هذا السياق لا ينبغي التساهل في أمر العبادات من أجل الدراسة، فنجد الأم حريصة على أن يستيقظ ابنها في الموعد المحدد للمدرسة وتهمل أن توقظه لصلاة الفجر على الرغم أن المسألة قد لا تتجاوز ساعة فأي بركة ننتظرها ونحن لم نرع أمر الله في منهجنا التربوي.

لا للمقارنة

نظرية الذكاء المتعدد هي من أحدث نظريات التربية وهي تعني باختصار أن "كل البشر يمتلكون ليس فقط ذكاء مفردا أو وحيدا غالبا ما يطلق عليه الذكاء العام، بل نحن ككائنات بشرية من الأفضل أن يتم وصفنا بأننا نمتلك مجموعة من الذكاءات وأن الأفراد يختلفون فيها لأسباب وراثية أو بيئية مرتبطة بالخبرات".
هناك مثلا الذكاء اللغوي اللفظي وهناك الذكاء الرياضي وهذان النوعان الأكثر شهرة، وغالبا ما تقيس المقررات الدراسية هذين النوعين من الذكاء، وهناك الذكاء الميكانيكي الذي نلحظه في الأطفال القادرين على الفك والتركيب، وهناك الذكاء الجسمي الذي نجده عند الأطفال كثيري الحركة والذي يمكن استثماره في ممارسة الألعاب الرياضية، وهناك الذكاء الوجداني العاطفي فبعض الشخصيات لديها قدرة كبيرة على تفهم الآخرون وعلى توصيل الأفكار والمشاعر لهم.

علينا ونحن نقوم بتربية الطفل أن ننمي هذه الجوانب جميعا وننتبه إلى أي أنواع الذكاء يغلب على الطفل كي يتميز فيها أما إصرار بعض المربين على أن يختزل ذكاء ابنه في المقررات الدراسية دون نظر للمهارات الحياتية الأخرى فهذا خطأ كبير.. ويكفي أن نعرف أن العالم المصري أحمد زويل الحائز على جائزة نوبل في العلوم لم يحصل على المجموع الذي يؤهله للالتحاق بكلية الطب، وعندما التحق بكلية العلوم لم يحرز المركز الأول، ولم ينجح في التعيين كمعيد في كليته؛ فلماذا نلهب ظهورنا وظهور أبنائنا بضرورة الحصول على المركز الأول والدرجات النهائية.
علينا إذن أن نخفف من توترنا ولننظر للأمر نظرة رحبة وأكثر شمولية فمراعاة مشاعر أبناءنا أمر بالغ الأهمية؛ لذلك فإن منهج المقارنة بين الطفل وأقرانه أو إخوته منهج ظالم ويثير مشاعر الحقد وفي نهاية الأمر لا يؤدي للنتيجة التي ننشدها، كما أنه منهج يعمي أعيننا عن البحث في نوعية الذكاء التي يتحلى بها ابننا وبالتالي نهدرها ونهدره في الوقت الذي كنا نتمنى نجاحه.

ماذا نعمل؟

إذا أردنا أن نجعل من تعلم أبنائنا قربة إلى الله تعالى فلنتحرك من هذه اللحظة ومهما كانت اخطائنا السابقة على مستويين:
المستوى الأول بعيد المدى: الهدف من هذا المستوى هو مساعدة الابن كي يكون طفلا صالحا يجعل من التعليم بكافة مستوياته عبادة لله عز وجل ووسيلة لنهضة أمته وستكون وسائلنا للوصول إلى هذا الهدف الحوار الإيجابي البناء والعلاقة الدافئة المشعة بالحب والحنان وتعليمه أساسيات تنظيم الوقت وإدارته ومنحه الثقة الكافية فضلا عن مناقشته حول مفهوم المسئولية والحرية والعلاقة بينهما وتحميله مسئولية اختياره.
ونشدد هنا على ضرورة تعليم الأبناء الأصغر سنا كيفية المذاكرة بديلا عن المذاكرة الفعلية معه فنقول له مثلا: دعنا نفكر في هذا الأمر.. ما رأيك أنت؟.. وهكذا فالسؤال يستحث الإنسان على شحذ الذهن وهوما كان يقوم به النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة، ويعلق القرطبي على سؤال النبي للصحابة يوم النحر عن أي يوم هذا كي يربط بين حرمة اليوم وحرمة الدماء والأموال بقوله: "سؤاله صلى الله عليه وسلم وسكوته بعد كل سؤال كان لاستحضار فهومهم وليقبلوا عليه بكليتهم" .
ويفيد في هذا الصدد أيضا التحفيز المادي والمعنوي وتوفير الوسائل المساعدة في عملية التعلم كجهاز الحاسوب والاتصال بشبكة المعلومات مع الاهتمام بالحوار معهم عن آداب التعامل مع هذه الشبكة والمتابعة المستمرة فضلا عن إضفاء جو من الدعابة والمرح "هناك دراسات عديدة وتجارب كثيرة تدل على أن إضفاء جو من الدعابة والمرح والطرفة على الجو التعليمي يعود بآثار إيجابية جدا على أمزجة الطلاب وعلى قابليتهم للتعلم وحبهم للدراسة" وطبعا لا يمكن اغفال أمر الدعاء والنية في هذا العمل الذي نحن بصدده.
المستوى الثاني قصير المدى: المقصود هنا ماذا نعمل في هذه أيام الاختبارات الحرجة؟
ـ علينا أن نتحلى بالهدوء ونبتعد عن التوتر والعصبية ولن يتأتي هذا إلا بالحديث الإيجابي إلى الذات بأن مسألة هدوء الأعصاب هي دعامة النجاح هذه الأيام ولا ننسى أن حالتنا النفسية هدوء أو توترا ستنعكس على الأبناء شئنا ذلك أم أبينا فلنتحلى بالهدوء قدر الاستطاعة.
ـ يجب أن نحرص على أن يحصل أبناؤنا على قدر كاف من ساعات النوم أثناء الليل، ولا ينبغي السماح بأن يواصل الابن المذاكرة طيلة الليل ثم يذهب للامتحان دون نوم وعينا أن نذكرهم دائما بقول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}
ـ تقديم وجبات غذائية متوازنة تحتوي على كافة العناصر الغذائية.
ـ الحرص على وجود أوقات راحة قصيرة بين فترات الاستذكار؛ لأن القلوب إذا أكرهت عميت.
ـ مساعدة الأبناء على وضع جدول مرن للمراجعة والالتزام به.
ـ مساعدة الأبناء على اختيار وسائل استذكار مستوحاة من نوعية الذكاء التي يمتلكونها فالطفل ذو الذكاء الجسمي الذي تميز بكثرة الحركة بدلا من أن نصرخ فيه طالبين منه أن يجلس في مكانه نجعله يقرأ وهو يمشي أو يحفظ وهو يحرك جسده بطريقة معينة، والطفل الذي لديه لون من الذكاء البصري نجعله يلخص بألوان وأحجام متنوعة كي تخزن في ذاكرته البصرية وهكذا.
ـ استخدام الخرائط الذهنية في تلخيص المقررات الدراسية مسألة مفيدة وهي سهلة التعلم.
ـ استخدام الكمبيوتر ببرامجه المختلفة يساعد الأبناء في استيعاب المقررات الدراسية.
ـ وضع آيات قرآنية وأحاديث نبوية وكلمات مأثورة تحفز على طلب العلم وتتحدث عن الصبر والاجتهاد ونحو ذلك في حجرة الطالب.
ـ وضع لوحة إنجاز على الحائط وكلما أنجز الطالب جزء من المطلوب منه وضع علامة تشجيعية كي يتعلم أن يكافئ نفسه ومن الممكن أن نضع نحن هذه العلامات للأطفال الصغار على هيئة نجوم ذهبية ونحو ذلك.
ـ الحرص على أن يؤدي الأبناء الصلاة في وقتها وحثهم على كثرة الدعاء الصادق لله تعالى بأن يبارك في أوقاتهم وأفهامهم.

بقلم / فاطمة عبدالرؤوف

اللهم وفق أبناءنا وبناتنا

لكن وصيتي

من طلب العلا سهر الليالي

النجاح

» الأسرة هي المدرسة الأولى لتربية النشء...........
» ما هي الا أيام ونفترق ..
» بعد أيام عيد ميلاد أستاذة التربية الموسيقية يسرى 23
» أب ينصح ابنه قبل الامتحانات ..!!
» الامتحانات على الأبواب ...