الموسيقى علم له أسسه وتجتمع فيه كثير من العلوم الطبيعية كالرياضيات – والفيزياء – والهندسة – وعلم الصوتيات – وعلم التشريح. ويجانب الكثير الصواب عندما يرون أن الموسيقى مجرد ترفيه وتسلية. للموسيقى كتخصص كليات ومعاهد في أرقى الجامعات في العالم يقوم عليها أساتذة علماء لهم شأن كبير ولهم مكانتهم وسمعتهم العالمية. وأصبحت الموسيقى وسيلة علاج لبعض الأمراض في المجال الطبي الإنساني.
تتميز الموسيقى العربية بأن لها سلمها الموسيقي الخاص وتنوع المقامات وان كان لها بعض الجذور والعلاقة في مسميات الأنغام والمقامات مع جيرانها – السلم الموسيقي الفارسي والتركي. وتوجد هناك وجهات نظر بين المختصين تتعلق بأبعاد السلم الموسيقي العربي. كما ظهر ذلك أثناء انعقاد أول مؤتمر للموسيقي العربية في القاهرة في مارس عام 1932م.
ومن الأنصاف القول بان بعض فلاسفة العرب وعلماءها تركوا ميراثا موسيقيا زخما يعنى بالعلم الموسيقي ونظرياته حتى أصبع مرجعا علميا للمهتمين والمختصين في العالم. مع الأخذ بعين الاعتبار , وهذا أمر طبيعي, إن علمائنا استقوا كثيرا من القواعد والأسس العلمية الموسيقية عن علماء وفلاسفة اليونان والفرس وأضافوا إليها واحتفظوا بشخصية وطابع الموسيقى العربية. من هؤلاء مثلا: يونس الكاتب: له من المؤلفات العلمية في العصر العباسي (كتاب النغم) و (كتاب الإيقاع) واسحق بن يعقوب الكندي له (رسالة في تأليف الألحان) و (رسالة في أجزاء خبرية في الموسيقى) وأبو نصر الفارابي المبتكر والمبدع له مؤلف (كتاب الموسيقى الكبير) و(كلام في الموسيقى) و(كتاب في إحصاء الإيقاع) وللرئيس أبو علي الحسين بن سينا جزء من كتابه (الشفاء) يعنى بالموسيقى وكذا مؤلفه (كتاب النجاة) وأيضا أخوان الصفا لهم مشاركة في الموسيقى ومن مشاهير علماء الموسيقى العربية صفي الدين عبد المؤمن الأموي عاش في نهاية العصر العباسي له من الكتب (الأدوار) وكتاب (الشرفية) وتعتبر من الأهمية بدرجة عالية.
أبعاد السلم الموسيقي:
يحتاج الوضع إلى عرض بعض المفاهيم أولا. جرى إطلاق لفظ “بعد وجمعه أبعاد” أو” مسافة” في كتب الموسيقى ويقصد بها نسبة تمثل قيمة ذبذبة النغمة إلى ما جاورها. هذه النسب مهمة جدا في تحديد نوع السلم او المقام الموسيقي ووضع الغرب وحدة لقياس البعد وسموها “السنت” كما لو قلنا إن وحده قياس المسافة بالمتر أو السنتمتر. وقسموا مسافة الديوان “الأكتاف= ثمانية أنغام متتالية” إلى 1200 سنت بحيث يصبح في السلم الطبيعي البعد الكبير “بعد طنيني” مثلا ما بين نغمة “الدو” ونغمة “الرى” يساوي 200 سنت والبعد مابين نغمة “المي ونغمة الفا” 100 سنت “بعد نصفي” . وتحسب المسافة بالسنتات من خلال معادلة رياضية ولا تقيس البعد ما بين النغمات مباشرة. والعلماء الأقدمون قسموا الأبعاد حسب النسب الرياضية فيما بينها معتمدين على قياس أطوال الوتر تحت قوة شد ثابتة ونسبة طول الوتر إلى الطول الأخر الذي يصدر صوت النغمة مثلا: عند عزف وترين في آن واحد “طول الوتر الأول ضعف طول الوتر الثاني” وجد إن الصوت الصادر مريح على الأذن والنسبة بين طول الوترين هنا تساوي (2:1) وبناء على ذلك وجدت أصوات أنغام مريحة عند إجراء تجارب أخرى على نسب أطوال للوتر مختلفة كنسب (3:2) و (4:3) والأبعاد ذات النسب البسيطة عادة ما تكون أنغامها متوافقة ومريحة على الأذن. ومن هنا استمر حساب الأبعاد ونتج من ذلك مفهوم السلم الموسيقي مثل السلم الخماسي ذو الأبعاد الأربعة فيما بين نغماته الخمسة وكذلك السلم السباعي الذي تفصل ما بين أنغامه ستة أبعاد. والعلم الحديث يقيس اهتزاز موجة الصوت مباشرة وهي “كم مرة في الثانية يهتز الوتر” مثلا 100 او مائتان هرتز. ويطلق على وحدة قياس الذبذبة بالهرتز – باسم العالم الفيزيائي الألماني هنري هرتز.
السلم الموسيقي العربي:
يعرف السلم الموسيقي العربي: من انه يتكون من ديوانين “اوكتافين” كل ديوان عبارة عن ثماني أصوات نغمية محكومة بأبعاد فيما بينها و لكل نغمة تردد موجي (ذبذبة) محددة بقيمة عددية, ويقع الديوان مابين تردد نغمة القرار ونغمة الجواب . وللتبسيط فأن صورة الديوان الأول للسلم العربي بأبعاده بدون “التقسيمات الدقيقة” فيما لو بدانا بنغمة اليكاه “قرار نوا” كالتالي: النغمة الأولى “اليكاه” إلى النغمة التالية “عشيران”والبعد بينهما بعد طنيني مقداره ( 4/4 ) ومن النغمة “عشيران” إلى النغمة التي تليها “عراق” البعد بينهما (3/4) بعد صغير لان النغمة الثالثة منخفضة ربع و من النغمة “عراق” إلى النغمة “راست” البعد بينهما (3/4) ومن النغمة “الراست” إلى النغمة “دوكاه” البعد بينهما (4/4) ومن الدوكاه إلى نغمة “السكاه” بينهما بعد (3/4) ومن ال “السيكاه” إلى “الجهاركاه” البعد بينهما (3/4) ومن نغمة الجهاركاه إلى نغمة “النوى جواب” بينهما بعد “4/4″. وبالاحتفاظ بنفس الأبعاد يبدأ الديوان الثاني من نغمة ” النوا جواب” والتي تصبح قرار للديوان الثاني إلى جواب النوا وهي نغمة “سهم”. وكما هو معلوم فأن السلم الموسيقي العربي يتميز بربع بعد “نم” ونصف بعد “عربة” وثلاثة أرباع “تك”. فإذا نظرنا إلى السلم وذكرنا النمات والتيكات والقرارات والأجوبة للديوانين لأصبح لدينا ما مجموعه 49 نغمة ابتداء من النغمة “اليكاه” وانتهاء بنغمة السهم”.
أرجو ملاحظة أن حساب الأبعاد بالنسب في شكل (3/4) أو مثيلاتها غير دقيق وهناك طريقة أخرى لحساب الأبعاد بقيمة “الكوما” وهي وحدة صوتية يبنى عليها سلالم المقامات العربية وتساوي 22.6415 سنت. وحسبت بتقسيم الديوان للسلم العربي إلى 53 قسم أي أن مجموع الأبعاد لكل سلم مقامي يجب أن يساوي 53 كوما والبعد الطنيني في هذه الحالة يساوي 9 كومات.
وللتوضيح فقد اجريت حسابات الجدول المرفق للديوان الأول للسلم العربي (بدون ارباع الدرجات لأجل الاختصار) مبينا الأبعاد ما بين النغمات بوحدة السنت والكوما وقيمة الذبذبة لكل نغمة فيما لو بدأنا بنغمة اليكاه = 97.99 هرتز”.
النوا الجهاركاه السيكاه الدوكاه الراست العراق العشيران اليكاه اسم النغمة
203.77 135.85 158.49 203.77 158.49 135.85 203.77 0 البعد – “سنت”
9 6 7 9 7 6 9 0 البعد – “الكوما”
195.99 174.23 161.08 146.99 130.67 119.24 110.24 97.99 قيمة الذبذبة – هرتز
الاستاذ : ح/ ع منقول....