وضع علماء الفلك والطبيعة والفلاسفة وبعد طول تفكير
العديد من الفرضيات حول آلية نشأة الكون ، ورغم أن الطريقة التي نشأ بها
الكون لاتزال غيرمفهومة تماماً ، إلا أن معظم العلماء يجمعون الآن على أن
فرضية الانفجار العظيم أو "big bang" هي أكثر الفرضيات التي لقيت قبولاً.
فرضية الانفجار العظيم هي السائدة حتى الآن
في عام 1927 عرض العالم البلجيكي: "جورج لو ميتر" (George Le Maitre) نظرية
الإنفجار العظيم والتي تقول بأن الكون كان في بدء نشأته كتلة غازية عظيمة
الكثافة واللمعان والحرارة، ثم بتأثير الضغط الهائل المتآتي من شدة حرارتها
حدث انفجار عظيم فتق الكتلة الغازية وقذف بأجزائها في كل اتجاه، فتكونت مع
مرور الوقت الكواكب والنجوم والمجرّات.
وتقول هذه الفرضية :
إن الكون كله كان متمـركتزاً فـي نقطـة واحـدة ، اطـلق العلماء عليها اسم(
الذرَة البدائية ) ، وقـد أحـدث الانفجار كـرة ناريـة هائلـة جـداً وذلـك
قبـل حوالـي (15000) مـلـيون عــام ، تبردت مع الزمـن وشكلـت جسيمات بالغـة
الصـغر تـدعى المادة ، وكل شيء في الكـون مكـون مــن هـذه الجسـيمات
الدقـيقـة .
انتشرت الجسيمات وبدأ الكون في التوسع وتشكلت مع الوقت سحب كثيفة من غازي
الهيدروجين والهيليوم شكلت فيما بعد كتل كثيفة ، وبدأت المجرات بالتشكل من
تبرد الكتل الغازية الكثيفة، وبسبب كثافة الكون وقتها ، كان الضوء غير
قادرعلى الانتقال بعيدا فيه ، لذلك كان الكون مظلماً ، وبعد مضي بضعة الاف
من السنين انخفضت درجة الحرارة الى بضع الاف من الدرجات وشيئا فشيئاً انقشع
الضباب وانتقل الضوء لمسافة أبعد الامر الذي جعل الكون شفافاً الى ان وصل
الى ما هو عليه الآن .
بعد مرور حوالي 10000 مليون سنة على الانفجار العظيم تشكلت الشمس وكواكب
المجموعة الشمسية قرب حافة مجرة سميت لاحقاً ( درب التبانة ) .
الدليل على صحة نظرية الانفجار العظيم
احد الاسباب التي اقنعت العلماء بصحة هذه النظرية هي تلك الاشارة الضعيفة
الشبيهة بالصدى والتي تم التقاطها من الفضاء عبر تلسكوبات راديوية قوية
جداً، وقد تكون تلك الاشارة صادرة من كرة النار القديمة التي انتشرت في
الفضاء بعد الانفجار العظيم
-في عام 1840 أيد عالم الفلك الأمريكي (من أصل روسي) جورج غاموف (George
Gamov) نظرية الانفجار العظيم: "Big Bang"، مما مهد الطريق لكل من العالمين
"بانزياس" Penziaz و"ويلسون" Wilson سنة 1964 اللذين التقطا موجات راديو
منبعثة من جميع أرجاء الكون لها نفس الخصائص الفيزيائية في أي مكان سجلت
فيه، لا تتغير مع الزمن أو الاتجاه، فسميت "النور المتحجّر" أي النور الآتي
من الأزمنة السحيقة وهو من بقايا الانفجار العظيم الذي حصل في الثواني
التي تلت نشأة الكون.
-وفي سنة 1989 أرسلت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" (NASA) قمرها الاصطناعي
Cobe explorer والذي أرسل بعد ثلاث سنوات معلومات دقيقة تؤكد نظرية
الانفجار العظيم وما التقطه كل من بنزياس وويلسن .
وقد خمن علماء الفلك أنه إذا كان الكون يحتوي فقط على المادة التي
يعرفونها، فإنه كان سيتوسع بسرعة بعد الانفجار العظيم لدرجة لا تسمح بتشكل
المجرات ، وهذا معناه انه من اجل صحة النظرية يجب أن يحتوي الكون على كمية
من المادة أكبر بكثير ممانعرفه عنه حاليا، حيث يعتقد العلماء أنه ما
يعرفونه عن الكون لا يتعدى 10% فقط والباقي بانتظار اكتشافه .
آخـــــــــــر الابحــــــــــاث
قرر خبراء في جامعة بارغن النرويجية بالتعاون مع علماء من بلدان أخرى
القيام بتجربة مخبرية تثبت نظرية الانفجار العظيم، وذلك عبر إجراء انفجار
مصغر لفصل جزيء لأحد مكونات نواة الذرة الافتراضية Quark-Gluon.
وقد تبنت المنظمة الأوروبية للدراسات النووية مشروع هذه التجربة وأطلقت
عليها اسم "ALICE". ويشارك في هذا المشروع الباهظ التكلفة 83 مؤسسة علمية
موزعة على 27 دولة، فيما يقوم على متابعة هذا المشروع أكثر من 18 ألف عالم
وخبير، وهو ما يعتبر أكبر مشروع كوني من هذا النوع كما يقول دييتر روريخ
بروفيسور الفيزياء النووية بجامعة بارغن،ويبين روريخ أن التجربة المخبرية
ستتمثل بالعمل على تصادم الجزيئات الثقيلة بسرعة هائلة وبطاقة عالية جدا من
أجل وقوع حالة الانفجار العظيم بصورة مصغرة وتحرير جزيئات الـ
Quark-Gluon.
وأوضح فريق العمل في التجربة أن العمل جار الآن على إعداد مزود للسرعة على
عمق كبير تحت الأرض حيث ستتم التجربة، مشيرا إلى أن التحضير لهذا المشروع
بدأ في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، من المتوقع إجراء التفجير
المعملي في عام 2007.
وسيتابع الخبراء نتائج وآثار هذا التفجير لمدة عشرة أعوام أخرى كما يقول
البروفيسور، مؤكدا أنه سيناط بهم في جامعة بارغن تصنيع آلاف الأجهزة
البالغة الحساسية والمعدة لقراءة الرموز وترجمة ما سيحدث، وهذا ما يمنحهم
فرصة لمعرفة بعض الشيء عن خلق الكون، في حين سيجري الاختبار المعملي في
سويسرا.
وبسبب خطورة الانفجار سيكون الخبراء على بعد 100 متر على الأقل عن الجهاز
المزود للسرعة، وسيحتاجون حينئذ إلى أجهزة تقنية معقدة للغاية، وتقوم جامعة
بارغن حاليا بصناعة جزء من هذه الأجهزة، فيما تتولى بعض المؤسسات العلمية
في أوروبا تصميم وصناعة أجزاء أخرى بالغة التعقيد والحساسية.
ولم يستبعد روريخ احتمالات الفشل في تحقيق الهدف من هذه التجربة ،كما أنه
لا يستبعد أن تضع التجربة المزيد من الأسئلة والحيرة وتدخلهم في طرق أكثر
ظلمة وتخبطا.
فرضيات مستقبل الكــــــون
1- تقول الفرضية الأولى: تنص هذه النظرية على أن الكون مستمر بالتوسع وأن
كل شيء فيه سيضمحل تدريجيا وفي نهاية الامر سيخبو تماما ، وسيصبح الكون
بأسره عبارة عن سديم من الجسيمات الباردة .وتعرف هذه الفرضية بــ ( نظرية
التباطؤ الكوني)
2- تقول الفرضية الثانية : أنه إذا كان الكون يحتوي علىكمية من المادة أكثر
مما نعرفه الآن وهذا يتوافق مع نظرية تشكل الكون بالانفجار العظيم،فإن قوة
شد عظيمة جدا تسمى الجاذبية ستبـطئ توسعه ، وستجـذب كل شيء الى الوراء الى
أن تتـصادم المجـرات وتتحطـم ، عندئذ سيحدث تصادم عظيم شبيـه بالإنفجـار
العظيـم لكنه معاكـس لـه ، وهــذا ما يدعى بــ (نظرية الانسحاق العظيم )
3- تقول النظرية الثالثة : تقول أن الكون يعمل كالقلب يخفق في نظام سوي ،
فيعتقد علماء هذه النظرية أن الكون يتوسع ، ثم ينكمش ، ثم يتوسع من جديد
.... وهكذا باستمرار فكل انفجار عظيم يتبعه انسحاق عظيم وبدورة متكررة ،
وهذا ما يعرف بــ ( نظرية الكون المتذبذب ).