ouadie Admin
تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 62 الموقع : www.youtube.com
| موضوع: نصف مليون مدرس بالجزائر يعيشون بـ"الكريدي"..... الخميس 4 مارس 2010 - 5:39 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم 2010.03.03 روبورتاج : فضيلة مختاري .. كنت أعتقد أني سأكون بحاجة إلى مئزر أبيض حتى أدخل إلى الثانوية وأتقمص دور الأستاذة المضربة .. لكني لم أجد مشكلة في دخول بوابة إحدى متقنات غرب الجزائر العاصمة بمساعدة إحدى صديقاتي .. أوقفني المراقب العام قبل أن تقاطعه صديقتي بالقول .. "اتركها إنها إحدى صديقاتي وهي أستاذة من ثانوية عائشة أم المؤمنين " .
.. كانت عقارب الساعة تشير إلى الثامنة إلى عشر دقائق، حضر التلاميذ كعادتهم يحملون حقائبهم، لم نجد أثرا لتعليمة الوزارة القاضية بتحديد اللون الأبيض لمآزر التلاميذ، بعضهم كان يرتدي ألوانا مغايرة، شدنا انتباه أحد تلاميذ الثانوية وهو يرسم العلم الوطني على كامل مئزره .. دقائق وفقط اصطف التلاميذ واصطف معهم الأساتذة، اعتقدنا أن الأمر يتعلق باجتماع قبل أن نفاجأ بتحية العلم بجهاز المذياع وهو يدوي ( قسما بالنازلات ) .
يبدأون يومهم بـ " قسما بالنازلات " وينهونه بعلبة السجائر مر زمن طويل لم نسمع فيه النشيد الوطني ( قسما بالنازلات ) ، موقف تقشعر فيه الأبدان، كنا نراقب الوضع من بعيد . لحظات وفقط، فاشهدوا فاشهدوا فاشهدوا .. انتهت تحية العلم، التحية التي يبدأ بها موظفو قطاع التربية يومهم على عكس كل القطاعات الأخرى، راح بعدها الأساتذة يتجهون إلى القاعة، دخلنا برفقتهم، بادلناهم التحية، وراح كل واحد منهم يسحب مئزره الأبيض من حقيبته الثقيلة، كانت ملابسهم جد متواضعة، سيطر فيها الحجاب الشرعي على لباس الأستاذات، الكثيرات منهن استغنين عن مساحيق الزينة، عكس طالبات الثانوية حيث شدتنا ملابس الموضة وحتى الماكياج الفاضح، صعد بعض الأساتذة إلى أقسامهم، كان من بينهم أستاذ في مادة الرياضيات، راح يتصفح جريدة الشروق اليومي بشغف وهو يقرأ خبر إيقاف العدالة لإضراب نقابات التربية، قائلا : " .. لقد تعبنا وأتعبتنا الوزارة .. إني أنتظر اليوم الذي أحال فيه على التقاعد " . تمر الدقائق، يشعل سيجارة، ينادي على أحد المراقبين، بأن يخرج تلاميذ حصته إلى الخارج ويطلب منه دفتر التسجيل، اغتنمنا الفرصة واقتربنا منه، علمت بعدها بأن عمره 42 عاما تزوج قبل سنتين بأستاذة تعمل في ثانوية أخرى، لا يزال بدون أطفال، أجره البسيط حرمه من تكوين أسرة وهو في عز شبابه، فوجد نفسه بعد سن الأربعين كوّن جيلا ولم يكوّن أسرة . ينتظرون بشغف 20 مليونا ويحلمون " بالماروتي " كم هو صعب أن تقف عند وضعية أستاذ قضى أكثر من 15 سنة بين الصبورة والطبشور، لا يزال لحد الآن لا يملك سكنا خاصا به، قضى من عمره خمس سنوات بين عائلته الكبيرة، قبل أن يقرر الاستقرار في منزل مستأجر بمبلغ 15 ألف دينار يتكون من غرفتين في باب الزوار، هو أستاذ في الطور الثانوي في مادة التاريخ والجغرافيا ، غطى الشيب شعره ولا يزال يرتدي بذلة قال لي بأنها تعود إلى خمس سنوات لا يرتديها إلا وهو ذاهب إلى المدرسة يتحدث قائلا: "لم أفكر يوما في أن أضرب عن العمل (والفت الطبشور) لم أعد أشعر بحساسية تجاهه .. لكن اليوم حان الوقت لأرفع شعار الإضراب، لن أطلق الطبشور لكني أريد راتبا يكفل حق أبنائي من ورائي"، يتحدث بأسى كبير كيف أنه كان سببا في تخرج أجيال كثيرة منهم تلميذ تتلمذ على يديه وتخرج من الجامعة، يلتقي به من حين لآخر وهو على متن سيارته .. لكنه لا يزال هو بدون سيارة، أضحكنا عندما قال لنا : " في كثير من المرات أتحدث في منامي عن هتلر وتشرتشل والحرب الباردة قبل أن توقضني زوجتي قائلة إنهض يا رجل حان وقت ذهابك للثانوية " . تركناه على أمل أن يضيف تحويشته من النقود إلى المخلفات المالية التي سيحصل عليها والمقدرة بـ 28 مليونا من أجل شراء سيارة حتى لو كانت ماروتي على حد قوله . نحن نربي أبناءكم ونضبط شغب 08 ملايين تلميذ التقينا بعدها بإحدى الأستاذات في العلوم منخرطة في النقابة الوطنية لاتحاد عمال التربية والتكوين، عمرها 45 سنة مطلقة وأم لطفلين تتمسك بالإضراب إلى غاية تلبية جميع المطالب، ردت علينا بقولها "إننا نمسك بشغب 8 ملايين تلميذ، نحن نربيهم، ونعلمهم، ونغرس في كل واحد منهم حلم المستقبل .. أستغرب لإحدى الأمهات وهي تشتكي من فوضى ابنها في ساعة يمكث فيها في المنزل، فكيف بنا نحن من نمسك بشغب أبنائهم ست ساعات في اليوم .. ". تركنا الثانوية وعلمنا أن الأساتذة المضربين يوقعون في دفاتر التسجيل الخاصة بهم كلمة مضرب، ووفقا للقوانين فإنهم لا يغادرون مؤسساتهم التربوية إلا في أوقات الخروج . عرجنا بعدها على إحدى المدارس الإبتدائية حاولنا الدخول بحجة الاستفسار عن إحدى قريباتنا من أجل معرفة مستواها الدراسي، تزامن وجودنا ووجبة الإفطار، فرغم الإضراب بقيت ميزانية المطعم مستمرة، استغربنا كيف يلزم المعلم بمراقبة تلاميذه حتى وهم يتناولون وجبات الإفطار، حيث يقوم المعلم بجميع المهام بدءا من التربية وصولا إلى تلقين مبادئ العلوم وأبجدياتها، وصولا إلى لعب دور الحارس الشخصي للتلميذ، فعليه أن يلعب دور الأم إذا ما ذهب التلاميذ للمطاعم، إذ تنص تعليمة لوزارة التربية الوطنية على أن يرافق المعلم التلميذ إلى قاعات تناول وجبة الفطور، كما عليه أيضا أن يقوم بإدخال التلاميذ من فناء المدرسة إلى غاية القسم، والعمل على مرافقتهم إلى غاية باب المدرسة الخارجي .
مئات المعلمين متابعون قضائيا وأساتذة يمرضون بسبب المواد الكيميائية بعد صدور القانون التوجيهي الجديد وجد عمال التربية الوطنية وفي مقدمتهم معلمو المدارس الإبتدائية في مواجهة نص المادة رقم 22 من القانون التوجيهي 08/04 الذي رفع عنهم الحماية المدنية، ليحملهم بذلك المسؤولية القانونية لأي خطإ أو حادث يقع داخل المدرسة حتى وإن كان سببه التلميذ، مما جعل الكثير من الأولياء لا يمانعون في رفع دعاوى قضائية وجر معلمين إلى المحاكم، قلة الأجر لدى شريحة الأساتذة بالنظر إلى ارتفاع مستوى المعيشة دفع بالكثير منهم إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية من أجل قوت العيش، حيث حوّل العديد من الأساتذة جزءا من منازلهم إلى أقسام مصغرة من أجل دراهم معدودات التي غالبا ما تذهب لسد تكاليف بقية الشهر، من دون أن ننسى تعرض أساتذة العلوم والتكنولوجيا إلى أمراض خطرة جراء استعمالهم للمواد الكيميائية دون وجود منحة أو تعويض جراء استعمالهم لها. دراسة نقابية تكشف أن مرتب الأستاذ لا يكفي لقوت 15 يوما تؤكد دراسة قامت بها النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية أن النسبة الكبيرة من أجر المعلمين تخصص لسد حاجيات العائلة من مواد غذائية أساسية وبعض مواد التطهير الضرورية، مما يدل أن الموظف أو العامل يستهلك الأجر الزهيد كله تقريبا في توفير حاجيات العائلة من الخضر والبقول الجافة والحليب والخبز ومواد التطهير والغسيل وغيرها، حيث أكد أغلب المستجوبين والبالغ عددهم 22141 من الأسرة التربوية أنهم يستهلكون كيلوغراما واحدا على الأكثر من اللحم المجمد أو رطلا من السمك أو دجاجة خلال الشهر، كما ذكرت الدراسة أن أكثر من 75 % من المستجوبين أرباب عائلات مكونة عموما من 4 إلى 5 أفراد ولهم خبرة مهنية تتراوح بين 6 إلى 15 سنة في مجال الخدمة العمومية لقطاع التعليم. فالعامل يركز جميع أولوياته على توفير لقمة العيش لعائلته، مما يجبره تسخير ما نسبته 67.42 % من الأجر لتوفير هذه الضروريات الأساسية التي تقيه وعائلته الجوع وتوفر له النظافة في محيطه المنزلي . وكشفت ذات الدراسة أن أغلب المعلمين أصبحوا يلجأون للدروس الخصوصية من أجل تسديد نفقات بقية الشهر . | |
|