ouadie Admin
تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 62 الموقع : www.youtube.com
| موضوع: الموسيقى عبر التاريخ... الأربعاء 24 فبراير 2010 - 14:55 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم تعبر الموسيقى دائمًا عن أحوال الفرد والمجتمع، وهي دائمة السعي وراء الحديث الذي يعبر عن العصر الذي كتبت فيه.
ولما كان العصر الحديث حافلاً بالقلق والخوف والاضطرابات والحروب، فإن الموسيقى منذ أواخر القرن التاسع عشر تعبر عن هذه المشاعر والأحداث أو الواقع الذي يعيشه الإنسان.
مع بداية القرن العشرين كانت أوروبا قد وصلت إلى ذروة من الرخاء لم يسبق لها مثيل، وكانت برلين هي مركز الموسيقى، كما كان في ألمانيا وحدها في ذلك العهد ما لا يقل عن المائة والعشرين دارًا للأوبرا.
وكان للهدوء الشامل الذي دام حوالي أربعين سنة وازدهار الأحوال الاقتصادية وتقدم العلوم والصناعة أثر بالغ في التحول بالتعبير الموسيقي نحو اتجاهات جديدة تلائم العصر، ذلك لأن الموسيقى الرومانتيكية الحالمة الشاعرية لم تعد مناسبة، وظهرت الحاجة إلى التعبير عن روح التسلط التي سادت الأحوال السياسية بأسلوب تأثيري صاخب لا يحمل من معنى الرومانتيكية شيئًا لا في تكوينه ولا في مضمونه.
تأثير التسلط
والمقصود بالتأثيري أن يعمد المؤلف إلى إحداث انفعالات شديدة عند المستمع من تأثير تركيبات صوتية متنافرة متكتلة تأتي مفاجئة، ويتعمد إبعاد المسافة بين الألحان العاطفية والشاعرية التي تعطي الراحة النفسية للمستمع بأن يضع بينها تلك الكتل الصوتية والتركيبات الغريبة التي تحدث التوتر وبالتالي التأثير المطلوب.
ومن جهة أخرى فقد سادت في هذه الفترة نزعات فكرية متطرفة وانحرافات مصدرها الشذوذ الجنسي والنظريات الفرويدية، وهو ما زاد عند الفنانين حساسيتهم وعصبيتهم التي انعكست في إنتاجهم الذي اتجه نحو الواقعية والتشاؤم، في محاولة لإرساء قواعد جديدة للموسيقى الحديثة.
ولا يجب أن ننسى أن ما ساد العالم من ويلات الحرب العالمية الأولى والثانية بأهوالهما وشرورهما ـ زعزع الإيمان بالقيمة والمعتقدات، وغرس الشك في النظريات والنظم الاجتماعية، وانعكس ذلك كله على الفنون بصفة عامة فسيطرت عليها روح التشاؤم واليأس وسادت الفوضى والانحلال.
والفنون التعبيرية عامة هي فكر الإنسان ووجدانه، بها يقول ما لا يستطيع أن يفصح عنه بلسانه أحيانًا، وبها يعبر عن خوفه وفزعه من الأحداث التي تدور من حوله، هذا هو ما تعبر عنه الاتجاهات المتطرفة في موسيقى العصر الحديث: تأثيرية مبالغ فيها، وعنف يحاكي دوي المدافع وأصوات الطائرات والقنابل، وتعبر عن معاناة الإنسان من تلك الويلات.. ولكنها، من جهة أخرى، قوة تعبيرية فائقة، وصنعة تنطوي على إعجاز فني.
وكان رواد هذا الاتجاه الحديث:
جوستاف ماهلر 1860-1911
كانت مؤلفاته كالأرض الخصبة التي نمت فيها بذور موسيقى العصر الحديث، كما كانت النبع الذي استقى منه زعماء مؤلفي العصر الحديث.
وكانت معظم مؤلفاته تدور حول موضوع الموت والفناء، وربما كان السبب موت إحدى بناته في سن الطفولة.
كتب ماهلر 9 سيمفونيات ولم يتمّ العاشرة، و14 أغنية لمختلف أنواع الأصوات بمصاحبة البيانو، ومؤلفات أخرى للبيانو المنفرد، وشرع في كتابة أوبرا ولم يتمها.
وجوستاف ماهلر، قائد ومؤلف نمساوي، عمل قائدًا لأكثر من أوركسترا، ومديرًا للموسيقى بالمسرح الملكي في فيينا.
ريتشارد شتراوس 1864-1949
كان شتراوس أول مؤسسي المدرسة الحديثة التي أثارت ضده المحافظين، كما أكسبته إعجاب بعض المناصرين.
كان والده عازف "كورنو" مشهورًا، فبدأ يعلم الطفل شتراوس الموسيقى من سن الرابعة، ثم استمر يدرس العلوم الموسيقية والتأليف حتى عام 1880، ولكنه بدأ يكتب المؤلفات الصغيرة قبل ذلك بكثير.
وفي عام 1881 قدّم أولى سيمفونياته، ثم كونشرتو "للفيولينة"، وهما ما أكدا للمجتمع الموسيقي في مدينة ميونيخ نبوغ هذا الشاب.
ولما عُيّن شتراوس قائدًا لأوركسترا أوبرا ميونيخ كان عنده الوقت الكافي للتأمل والتأليف على أساس فلسفة جديدة لاستعمال الكتل الصوتية قائمة على التجديد والجرأة، فكان بذلك أول مؤسسي المدرسة الحديثة.
وفي عام 1904 سافر إلى نيويورك حيث أذهل الجماهير بسيمفونية "جبال الألب" التي استعمل فيها مع الأوركسترا أجهزة وماكينات لإحداث أصوات الريح القوية والرعد ليصوّر العاصفة.
ثم كتب أوبرا "سالومي"، ولما عُرضت في نيويورك عام 1907 أثارت سخط المستمعين لما فيها من عنف وجرأة فمُنع عرضها.
ثم كتب أوبرا "إلكترا" بأسلوب أقل عنفًا عن سابقتها وكأنه خضع لرأي الجماهير. وكانت آخر أوبراته "النزوة" عام 1942.
كانت حياة شتراوس سلسلة من الترحال المستمر حتى آخر أيامه، وعلى الرغم من ذلك فقد كتب خمسة عشر أوبرا، وباليهين، وثلاثة سيمفونيات، وكونشرتو "للفيولينة"، وآخر "للكورنو"، والعديد من الأغاني، ومؤلفات صغيرة للبيانو وغيرها.
الموسيقى الإليكترونية
وفي عصرنا الحديث، نجد أن آخر صيحة في عالم التأليف الموسيقي، هي موسيقى لا تصدر عن آلات موسيقية، ولا عن حناجر بشرية، وإنما تخرج من أجهزة إليكترونية تصدر أصواتًا تزيد ذبذباتها عما يمكن لجهاز السمع البشري إدراكه أو احتماله في الاتجاه الصاعد أي "الحاد"، حتى تصبح ضوضاء تشبه صوت الرعد أو أي ضجيج آخر.
فنجد في هذه الموسيقى أصوات ارتطام الأحجار ببعضها، وانهيار الجبال، واصطدام عربات القطار وما شابه ذلك من الأصوات المزعجة.
ويبتكر هؤلاء المؤلفون تلك الأصوات داخل أستديوهات مقفلة ومزودة بأنواع مختلفة من أجهزة إليكترونية لإصدار الأصوات أو قياسها ثم يسجلونها على شرائط قد تُسمع بعد ذلك وحدها أو تُمزج مع مؤلفات من النوع اللا مقامي. | |
|