بسم الله الرحمن الرحيم
ليس مهما ان نعرف معنى الانسجام الداخي،وليس مهما ان نجد تعريفا وتفصيلا
لمصطلح السلام الداخلي، لكن المهم ان نعيشه وتذوقه انفسنا ونتعرف على
الاستراتيجيات التي تجعلنا تحت ظلاله ، فكثيرون منا وانا واحد منهم لا
يعرفون اسرار الكهرباء ولا الطرق والوسائل العلمية التي تجعل الكهرباء تظهر
بالصورة التي نراها الان لكن نحن على كل حال نعيش تحت خيرات (نعمة
الكهرباء) فالمهم هو احساسنا بالشيء والحصول عليه بغض النظر عن ادراكنا
لحقيقته والتعرف على آلياته
هل شعرتم يوما من الايام انه لا توجد قوة في العالم تستطيع ان تغير من
ثباتكم……هل مر باحدكم ان احس ان بداخله ثقة وشجاعة ولو لفترة خمس دقائق
لكنه احس حينها بجمال الثقة وبهاء الشجاعة…….هل مر احدكم بحالة نفسية شعر
وقتها انه مسيطر على عاطفته ومتحكم في مشاعره فلا تذهب بها الرياح وتميل به
الاهواء حيث تميل
ان السلام الداخلي يجعلك انت بنفسك وحدك من يتحكم في الموقف…….انها غاية
صعبة المنال وتتطلب منا الجهد حتى نصل اليها…….ليس من السهولة ان نتحكم في
مشاعرنا ونوجهها حيث نشاء لاننا احيانا نفقد السيطرة لقوة الموقف وصعوبته
لكن الذين يتمتعون بالسلام الداخلي لديهم ما يمكن ان نسميه ( استعادة
التحكم) فهم يتميزون عن غيرهم من الناس انهم وان كان للمواقف التي
يواجهونها تأثيرا عليهم لكن لا يسترسلون خلف هذه المواقف الى المجهول الذي
لا يعلمونه بل سرعان ما يعيدون للمركب توازنه وللسفينة ثباتها حتى لا تغرق
في لجج البر
لا شيء بالفعل يساوي التحكم في الانفعالات.ولا شيء يعادل السيطرة على
المشاعر والقدرة على تعقيلها (ان صح التعبير) فلا أجمل من العاطفة اذا كانت
محفوفة بسياج العقل…..وما اقبح العواطف حين يكون عدوها العقل وخصيمها
الثبات ……حينها فقط نكون ابعد ما نكون عن الانسجام
يعترض حياتنا اليومية كثير من المواقف السلبية التي تهزنا وتحركنا وتشغل
تفكيرنا ……لكن اسؤال الذي يطرح نفسه هل تستحق فعلا هذه المواقف في كثير من
الاحيان كل هذا التأثر الذي يبعدنا عن الانسجام والسلام الداخليين؟
ثم…. هل بالفعل نحن لا نمتلك القدرة على تجاوز هذه المواقف؟
في الحقيقة وفي نظري (القاصر) ان كثيرا من المواقف التي تعترضنا وتهزنا
وتؤثر على حالتنا النفسية في كثير من الاحيان وأدعوكم لتأمل كثير من
المواقف التي حركتكم عن انسجامكم لتحكموا على كلامي ان كثيرا من هذه
المواقف اما انها لا تستحق كل هذا الانفعال الذي نقوم به او اننا احيانا
نعطيها تقييما اكبر وهناك احتمال ثالث اننا نفتقد الى تقدير ذواتنا ولهذا
نتأثر لأي نقد او عدم قبول او ما شابه ذلك
وبالفعل فكثير منا ولانه لا يعرف حقيقة نفسه .ولا يدرك التميز الذي حباه
الله اياه والنعم الذي يتقلب فيبها من نعمة العلم والسمعة الطيبة والمكانة
الاجتماعية فتجد انه بدلا من التركيز على هذه الامور الايجابية التي يملكها
تجد انه بمجرد تعرضه لاية موقف عاطفي او موقف سلبي في عمله او بين زملائه
واصدقائه واقاربه تجد ان يقيم الدنيا ولا يقعدها وتجد ان لاوعيه يحاول
اقناعه انه غير جدير بالاحترام وانه لا يتمتع بالقبول الذي يطمح اليه وكل
هذا نابع عن عدم قدرته على فهم انه على خلاف ذلك كله وانه بالفعل يستحق
الكثير وان عدم وعي اللاخرين بمكانته ليس دليلا ابدا ولا مقياسا على عدم
أحقيته وجدارته…… ولهذا لعله من المهم ان نقول ان اول اسباب الحصول على
الانسجام الداخلي وعلى السلام النفسي هو تقدير الذات وحب الذات……وتقدير
الذات وحبها مغاير للكبر والاعجاب بالنفس فتقدير الذات هو اعطائها حقها
وتصورها لماهي عليه وما تستحقه مكافأة لما تتحلى به اما الاعجاب بالنفس او
التكبر فهو اعطاء النفس فوق ما تستحقه مع التعالي على الاخرين فالأول عين
العدل والاخر هو ذات الظلم واساسه وشتان بين العدل وبين الظلم
ولا يمكن ان نحصل على عادة حميدة وان تكون جزءا من حياتنا الا اذا اعتدنا
عليها وحاولنا ان ندرب انفسنا عليها .والحصول علىالانسجام الداخلي كغيرها
من العادات التي تتطلب منا الاعتياد عليها والعمل بمبدا الاختبار (فاما
النجاح او الفشل ) لكن الفشل هنا حميد وليس سلبيا لانه فشل يعطينا الدافع
لنحاول ثانية وثالثة ورابعة وخامسة لكي نصل في النهاية لما نريده
ونرجوه…….ولا اتوقع ان غاية ايجابية بمثل الحصول على الانسجام الداخلي من
الممكن ان نحصل عليها بين عشية وضحاها بل لابد من محاولات كثيرة وعقبات
نتخطاها حتى نصل
من الاسباب المساعدة على حصول الانسجام الداخلي هو تعويد النفس على حسن
تقييم الظروف والاعتدال في النظر الى المواقف فكثير منا وخاصة (العاطفيون)
و(الحسيون) لديهم افراط كبير في تقييم المواقف والظروف….كذلك العصبيون
لديهم مبالغة في التقييم ……ولا شك ان الاعتياد على النظرة المتزنة لكل
المواقف هو الحل الأمثل لكثير من الاثار السلبية التي تتركه فينا هذه
المواقف
من الأسباب كذلك تدريب النفس على تجاهل ما اعتاد هو ان الاسترسال فيه هو
طريق سهل للخروج عن الانسجام الداخلي فنحن نعرف من خلال خبرتنا بمواقف
الحياة وتجاربنا انه توجد كثير من الامور التي نعرف ان طرقنا لابوابها
بداية النهاية لانسجامنا والحل المقترح هنا هو الابتعاد عن هذه المواطن
وعدم المغامرة في غشيانها
من الأسباب كذلك هو اشغال العقل والفكر بشيء مفيد تحبه النفس وترتاح اليه
وتخلد له وتختلف وجهان النظر نتيجة لاختلاف القيم والقناعات في تحديد نوعية
هذه المشغلات ( المسلية) التي تروح عن النفس ضيقها وتعبها
من الاسباب كذلك ان يحدد الواحد منا الاشياء الذي يعرف انها تسعده ووضع
قائمة بها من زيارة لصديق او صلة لرحم او ارتياد مكتبة او قضاء وقت ممتع مع
العائلة او السفر او مكالمة هاتفية لصديق غالي فهذه الامور من شأنها ان
تعيد الفكر الى رشده والنفس الى انسجامها لانها تعطي دفعة معنوية وتحفيزا
لا مثيل له
وللحديث بقية باذن الله تعالى راجيا من الاخوة الفضلاء اثراء الموضوع حتى
تعم الفائدة وبالله التوفيق