MESSI عضو عادي
تاريخ التسجيل : 29/10/2009 العمر : 29
| موضوع: الفلسفة القديمة السبت 5 ديسمبر 2009 - 11:58 | |
| الفلسفة القديمة. كانت في معظمها يونانية. وأعظم الفلاسفة من العهد القديم كانوا ثلاثة من اليونانيين في القرن الخامس والرابع ق.م، وهم سقراط وأفلاطون وأرسطو؛ حيث أثرت فلسفتهم في الثقافة الغربية المتأخرة. فأفكار الغرب المتعلقة بما وراء الطبيعة والعلم والمنطق والأخلاق، يرجع أصلها إليهم، كما أن بعض المدارس الفلسفية المتميزة ازدهرت في بلاد اليونان القديمة. السابقون لسقراط. يعتبرون أول الفلاسفة اليونانيين، وترجع تسميتهم إلى أن معظمهم عاشوا قبيل ميلاد سقراط، أي نحو 469ق.م. وكانوا يهتمون على الخصوص بطبيعة الكون ومصدره، وكذا أصل الحقيقة والواقع. كما أرادوا أن يعرفوا الجوهر الكامن وراء المظهر، إذ به يمكن أن ندرك المظهر على حقيقته. إن الفلاسفة السابقين لسقراط كانوا، كمعظم المعاصرين لهم، لا يؤمنون بوجود آلهة أو قوى فوق الطبيعة، تتسبب في ما يقع من أحداث. فعوضًا عن ذلك كانوا يلتمسون للظاهرة الطبيعية تفسيرًا مستمدًا من الطبيعة. وقد نظر هؤلاء الفلاسفة إلى الكون باعتباره مجموعة من الظواهر الموحدة التي يستطيع الإنسان بفكره أن يوجد لها تفسيرًا ما. وقد أعطوا العديد من الأجوبة المختلفة المتضاربة للمسائل الفلسفية الأساسية، غير أن أهمية الفلاسفة السابقين لسقراط لا ترجع إلى صدق أجوبتهم بقدر ما ترجع إلى كونهم اهتموا قبل كل شيء ببحث المسائل، علماً بأنه لم تتوفر لهم آنذاك تقاليد فلسفية يستفيدون منها، بل إن أفكارهم هي التي تحولت إلى تراث ينهل منه الفلاسفة اللاحقون. سقراط. لم يترك أي أثر مكتوب رغم أنه كان دائمًا ينهمك في المناقشات الفلسفية، وقد وصلتنا أفكاره ومناهجه عن طريق مجالس الحوار، التي كتبها تلميذه أفلاطون، حيث برز سقراط شخصًا رئيسيًا يشرف على الحوار، ويشرح عملية البحث عن الحقيقة. عاش سقراط في أثينا، وعلّم في الشوارع والأسواق والملاعب الرياضية بطريقة السؤال والجواب، كما حاول أن يضع تعريفًا دقيقًا لبعض الأفكار التجريدية مثل المعرفة والفضيلة والعدل والحكمة، كل ذلك عن طريق أسئلة محكمة صارمة متلاحقة، من نوع :ماذا تعني؟ كيف عرفت ذلك؟ إن هذا الإجراء الذي يسمى الطريقة السقراطية مالبث أن أصبح من الطرائق الفلسفية النموذجية التي تُعنى بالمناقشة والحوار أراد سقراط أن يستبدل بالآراء الغامضة أفكارًا واضحة، وكثيرًا ما كان يجادل بعض أعيان أثينا ويفضح ادعاءهم الفارغ للمعرفة والحكمة، مما سبب له العداوة بينهم، فحُكم عليه بالموت بدعوى أنه يشكل خطرًا على الدولة، وبذلك أصبح رمزًا للفيلسوف الذي يواصل باستمرار بحثه عن الحقيقة مهما كان الثمن. أفلاطون. كان يعتقد أنه لا يمكن التوصل إلى معرفة حقيقة الأشياء عن طريق الحواس، لأن الأشياء المدركة عن طريقها سريعة الزوال ومتغيرة باستمرار. ويرى أن الإنسان لا يستطيع أن يتوصل إلى المعرفة الأصيلة إلا فيما يخص الأشياء التي لا تتغير، مثل الحقيقة والجمال والخير وغير ذلك من الأمور التي ندركها بالعقل، التي سماها الأفكار أو الأشكال. يقول أفلاطون: إن الأفكار وحدها مطابقة للحقيقة، وأن الأشياء الأخرى كلها إنما هي صور منعكسة عن الأفكار. وقد أصبحت وجهة النظر هذه تُعرف باسم المثالية. يرى أفلاطون أن أعظم الأفكار هي فكرة الخير، وأن موضوع الخير هو الأجدر بالبحث، بل هو الهدف الذي تخضع له كل الأشياء الأخرى، ويرى أيضًا أن الحياة المثلى هي التي يُكرسها الإنسان للتأمل في الحقائق الأبدية. على أنه يعتقد أن الإنسان إذا وصل إلى هذا المستوى، ينبغي له أن يعود إلى دنيا الناس، ويستعمل قدراته ومعلوماته في خدمة الإنسانية. كذلك يعتقد أفلاطون أن الروح خالدة، وأن الجسم وحده هالك عند الممات. وقد ساهمت أفكاره في إثراء تصورات الغربيين الفلسفية عن الجسم والروح والحقائق الخالدة، التي تناولها اللاهوت النصراني فيما بعد بمزيد من الشرح أرسطو. يُعتبر أعظم تلامذة أفلاطون، فقد تطرق لجميع المواضيع المعروفة في زمانه، وهو الذي ابتكر فكرة العلم واختلاف العلوم، بحيث ينفرد كل واحد منها بمبادئه، ويتناول المواد الخاصة به.ولذلك فإنه ألّف في مختلف المواضيع كالفيزياء وعلم الفلك وعلم النفس وعلم الأحياء وعلم وظائف الأعضاء وعلم التشريح. كما أنه بحث في ما سمّاه الفلسفة الأولى التي أصبحت تُعرف فيما بعد باسم الميتافيزيقا. يُعد أرسطو أول من أنشأ منظومة فلسفية، حيث قال: إن كل فروع البحث والمعرفة إنما هي أجزاء من منظومة شاملة، وهي مترابطة فيما بينها بجملة من المفاهيم والمبادئ. يعتقد أرسطو أن جميع الأشياء ما وُجدت في الطبيعة إلا لأداء غرض معين. وبمقتضى فلسفته فإن الخصائص الطبيعية للأشياء تابعة للغرض الذي من أجله وجدت، لذلك فجميع الأشياء تسعى إلى إبراز خصائصها بالسعي لتأدية ذلك الغرض. يتمثل المنهج الأساسي الذي اعتمده أرسطو في بحوثه في الانطلاق مما نعرفه، أو نعتقد بأننا نعرفه، ثم الانتقال للسؤال: كيف؟ ماذا؟ ولماذا؟ أما في كتابه الميتافيزيقا (ما وراء الطبيعة)، فقد شرح فكرة السبب الأول الذي في حد ذاته ليس ناتجًا عن أي سبب آخر، حيث وجد فيه التفسير النهائي للوجود. وقد تبنى اللاهوتيون النصارى فيما بعد هذه الفكرة برهانًا أساسيًا على وجود الله. ويقول أرسطو: إن كل إنسان يسعى لما يراه خيرًا وإن السعادة لا تكمن في اللّذة، بل في العمل الصالح، ويعني به السلوك بمقتضى الوسط بين الطرفين؛ أي أن خير الأمور أوسطها، على سبيل المثال فالشجاعة هي الوسط بين الطرفين: الجبن والتهور. لكن الإنسان السعيد حقًا هو ذلك الذي يستعمل عقله في التفكير التأملي. الرواقية والأبيقورية. هما المدرستان الرئيسيتان في الفلسفة اليونانية؛ حيث برزتا بعد وفاة أرسطو عام 322ق.م. فمن تعاليم المدرستين أن الهدف من المعرفة هو تمكين الإنسان من أن يحيا حياة هانئة راضية. مؤسس الرواقية هو زينون الرواقي، القائل إن الإنسان يجب أن يسعى للتحلي بالفضيلة التي هي أعظم الخصال الحميدة. يؤمن الرواقيون بـ الحتمية المحضة، أي الاعتقاد بأن جميع الأشياء محكوم عليها أن تكون على ما هي عليه، لذلك يجدر بمن يتحلى بالحكمة والفضيلة أن يرضى بما لا سبيل إلى تغييره، وأن يبذل ما في وسعه لكي يستفيد منه. وقد انتشرت الرواقية في روما، حيث كان من بين زعمائها رجل الدولة ماركوس توليوس شيشرون والإمبراطور ماركوس أوريليوس، والمعلّم أبيكتيتوس. أما الأبيقورية فقد أسسها أبيقور الذي اعتمد في فلسفته على مبدأ اللـّذة أي الفكرة بأن الخير الوحيد في الحياة يتمثل في المتعة. لكنه قال: إن اللذات لا تُعد كلها خيرًا. فاللذات الحسنة هي المصحوبة بالهدوء والاعتدال لأن اللذات المتطرفة قد تفضي إلى الألم. يقول أبيقور: إن أحسن اللذات هي صحة الأبدان وسلامة الأذهان، حيث يتخلص الإنسان فيها من الألم. الشكوكية. من المدارس الفلسفية التي أسسها بيرهو الأليسي في الفترة نفسها التي ازدهرت فيها الفلسفات الرواقية والأبيقورية. يقول بيرهو: إن الإنسان لا يستطيع أن يعرف شيئًا؛ لأن حواسنا توقعنا في الخطأ، ولا تعطينا معلومات دقيقة عن حالة الأشياء، لذلك فكل الادعاءات بالمعرفة إنما هي باطلة. وبما أننا عاجزون عن المعرفة فينبغي أن نعامل كل الأشياء باللامبالاة، وأن نمتنع عن إصدار الأحكام. الأفلاطونية المحدثة. كانت صياغة جديدة لبعض أفكار أفلاطون في صورتها المعدلة من طرف أفلوطين الذي من المعتقد أنه ولد وعاش بمصر في القرن الثالث الميلادي. لقد حاول أن يرشد الإنسان إلى الوحدانية، وبذلك تكتمل سعادة الإنسان. يعتقد أفلوطين أن روح الإنسان متشوقة للالتقاء بالله، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق التجربة الروحانية، لذلك تعتبر فلسفته جسرًا بين الفلسفة اليونانية والفلسفة النصرانية في عهدها الأول، ويستفاد منها أن الحقائق الكبرى لا تنكشف إلا عن طريق الإيمان بالله والفضل الإلهي، وليس عن طريق العقل. | |
|