بسم الله الرحمن الرحيم
محمد الموجي
عشر سنوات مرت على رحيل الموسيقار محمد الموجي·
في الأول من تموز/يوليو عام 1995 غيبه الموت عن 72 عاماً بعد معاناة دامت 17 يوماَ في غرفة العناية الفائقة، اثر نزيف في المريء وورم خبيث في الكبد، أفقده على مدى خمس سنوات من الأوجاع 20 كيلو غراماً·
حمل الموجي لقب "مطرب الريف" قبل أن يُقبل كملحن في إذاعة القاهرة ومن ثم يتعرف على صوت العندليب عبد الحليم حافظ في العام 51 فكانت أغنيات: ظالم، يا بير سايل بين شطين، ثم الزلزال الفتي، صافيني مرة، في العام التالي، والتي كان رفضها محمد عبد المطلب، وخاف الموجي على حليم من تقديمها مباشرة على الهواء، وإذا بالنجاح الكبير ينتظرهما، فقاما بإكمال المشوار الطويل:
"بدأنا المشوار معاً، قاسينا وكبرنا معاً، حياتنا نبضات من الصدق لا تنسى"·
الكلام لـ الموجي·· واذا به يتابع مع نده فيقدمان معاً: الليالي، حبك نار، جبار، كامل الأوصاف، أحبك، مغرور، إسبقي يا قلبي، أبو عيون جريئة، وظل التعاون متواصلاً، وصولاً إلى "قارئة الفنجان" أصعب قصائد الكبير نزار قباني على التلحين، كما كان لهما تعاون في "رسالة من تحت الماء"·
وهل بيننا من ينسى: انما للصبر حدود، إسأل روحك، لكوكب الشرق السيدة أم كلثوم، أو يا امه القمر عالباب لـ فايزة أحمد، غاب القمر، شباكنا ستايرو حرير، مين قلك تسكن في حارتنا لـ شادية، يا أغلى اسم في الوجود، لـ نجاح سلام، رمش عينو اللي جارحني لـ محرم فؤاد·
الشاعر الكبير نزار قباني قال عنه: ان الموجي استطاع أن يُحدث شرخاً في قشرة الغناء السميكة عندما لحن لـ عبد الحليم: رسالة من تحت الماء، وقارئة الفنجان·
لم يتعلم الموسيقى في أي معهد، وتحولت مؤلفاته الموسيقية إلى مواد تدرس في المعاهد على أنها نموذج مختلف من التأليف المتميز، خصوصاً عند مقارنته بموسيقار من جيله هو كمال الطويل الذي اعتبر وإياه على نقيض في الصورة اللحنية فالأول ريفي شعبي، والثاني ابن الذوات من سكان الزمالك·
قال عنه الموسيقار محمد عبد الوهاب "إن مخه كله موسيقى"، فيما ابنته الهام استاذة الموسيقى في كلية التربية، وضعت رسالة ماجستير عن والدها بعنوان: اسلوب محمد الموجي في التلحين، رصدت فيها تطور تعاطيه الأنغام على مدى 51 عاماً من حياته التي نذرها للموسيقى، وصولاً إلى الصورة التي بات عليها قبل رحيله بقليل·
ومن سوء الحظ أن جزءاً من نتاجه في مجال الأوبريتات قد احترق وأتلف تماماً عام 71 في حريق دار الأوبرا المصرية فخسرنا جانباً مهماً من ابداعاته التي لم نتعرف عليها: حمدان وبهانة، الشاطر حسن، هدية العمر، وداد الغازية، طبيخ الملائكة، دنيا البيانولا، على فين يا دوسة، وشهرزاد·
كسر هذا الفنان القواعد المتعارفة حين أصر على أن العلاقة النبيلة مع حليم، هي التي أثمرت نتاجاً فنياً راقياً، عاش ولم يقتله الزمن، بما يعني ان التقاء ا لأرواح والتوجهات الفنية، يوجد نوعاً من الإبداعات عكس اللقاءات العابرة التي لا تقدم نتاجاً عميقاً·
كان عنده رغبة أن يلحن للسيدة فيروز لأن صوتها من "الأصوات النادرة في عالمنا العربي"، وأشاد بصوت الكبير وديع الصافي معتبراً انه لا يُلحن له: "وديع ان أمسك العود وسلطن ارتجل وأبدع وهو يقول أكثر من أي ملحن يلحن له"· ولم يعجبه صوت ايمان البحر درويش، وأخذ على الفنانة الكبيرة ميادة الحناوي أن صوتها يشبه صوت الكبيرة ايضاً وردة· واعتبر أن عزيزة جلال من أفضل الأصوات العربية التي جاءت إلى مصر· وأعاد سبب عدم استمرار هاني شاكر مثل حليم إلى أنه حاد عن طريقه (طريق الموجي) ووصف الموسيقار بليغ حمدي بأنه خليط منه، ومن الطويل، و من زكريا أحمد، وعن سيد مكاوي قال: ظل يرتدي معطف الشيخ زكريا أحمد، ولم يخرج عليه·
عشر سنوات، وأنغامه حاضرة، مؤثرة، متميزة تدل عليه·