آلة العود ما زالت تحتفظ باهميتها...

بسم الله الرحمن الرحيم
--------------------------------------------------------------------------------

آلـــــــة العود







1- الجذور والأهمية

العود آلة موسيقية عربية، وتصنّف من الآلات الوترية التي ينبر على أوتارها بواسطة ريشة. وكلمة "عود"، كما ورد في القواميس العربية، تعني العصا أو الخشب.
بداية ولادة آلة العود تعود إلى آلة كانت تدعى "الجنك". وآلة الجنك البدائية هي آلة وترية فيها عدة أوتار طليقة يعطي كل وتر منها صوتا واحدا. لعل ولادة العود القديم من رحم هذه الآلة أسس، بحق وجدارة، لمرحلة جديدة ومهمة في تاريخ الموسيقى وصناعة الآلات الموسيقية. بفضل صغر حجمه وخفة وزنه، فاق العود ذو الوتر الواحد في بداياته والذي يمكّن من الحصول على عدة نغمات، الآلاتِ الوتريةَ التي كانت موجودة قبل ولادته.
يعدّ العود، والحال كذلك، أبا لكل الآلات الموسيقية العربية وملك التخت الشرقي دون منازع. يستخدم العود كمرافق للمطربين والملحنين. وفي الفترة الأخيرة، نستطيع أن نجادل، بأنه أصبح آلة مستقلة وقادرة على أن تقوم بعمل منفرد على خشبة المسرح.
ما زال العلماء والباحثون والموسيقيون، لعظمة تاريخ هذه الآلة، يطرحون آراءهم حول أصول هذه الآلة وموطنها. البعض يقول إن أصل العود فارسيّ، والبعض الآخر يعتقد أنه مصريّ، وفريق آخر يذهب إلى أنه صحراويّ و.....
بعد الاطلاع على جميع الأبحاث التي قاربت أصل العود وبعد الوقوف على العديد من الآثار الموسيقية ، نستطيع الجزم، حتى الآن على الأقل، بأن أصل هذه الآلة يعود إلى العراق القديم (العصر الآكدي 2350 - 2170 قبل الميلاد).

2- التطوّر

بعيدا عن تاريخ الآلة وأصولها، كان من أهم علماء وفلاسفة الموسيقى الذين تركزا رسائل ونظريات عميقة عن آلة العود الكندي وابن سينا والفارابي وزرياب وابن زيلة وصفي الدين الأرموي البغدادي واللاذقيّ. قام هؤلاء، وغيرهم بالضرورة، بمعالجة هذه الآلة الحساسة وطرأ عليه،ا بفضل جهودهم، تغيير كبير من ناحية الشكل والمواد المستخدمة في الصناعة والمقاييس الخاصة بها وطول وعدد أوتارها ودوزانها.

3- رحلات الآلة

استغلّ الأوروبيون، بفضل محطة الأندلس المهمة والرئيسية في تطوّر هذه الآلة، العودَ وطوّروه، وتم، بدفع من ذلك، إنشاء صناعة آلات وترية أخرى مَدينة لهذه الآلة أو ترتد في أصلها إلى هذه الآلة العربية. هذه التنقل من مكان لآخر - متزاوجا مع غنى الآلة أصلا - وفّر مناخا لامتصاص العديد من الثقافات العربية وغير العربية مما ترك أثره على تعدد "لغات" هذه الآلة.

4- الصناعة

يتميّز العود بالزخرفات والنقوشات واستخدام مواد ثمينة كالصدف والعاج. كل ذلك يضاف إلى عملية مزج مدروسة، من حيث اللون والكثافة، للأخشاب. هذا الاستخدام وهذا المزج يمكننا من ردّ العود إلى موطن صنعه وهوية وحرفية صانعه.

تشترك شمال أفريقيا مع باقي بلدان العالم العربي في استعمال العود الذي يطلق عليه "ملك الآلات" من قبل الكثير في المنطقة. الآلة كان شكلها الأول مثل الإجاصة وهي اليوم لا تعدو على كونها وعاء موسيقي كبير مربوط بعنق قصير. فالآلة العودية الخفيفة الوزن بها 16 إلى 21 ضلعا متحدا تم لفها بقوة ووجهة مسطحة. وبها ثقب صوتي كبير في اللوحة الصوتية الامامية رغم أن الطراز المغربي يحاكي شكل وردة الداتورة باحتوائه على ثلاثة ثقوب صوتية أمامية. والأوتار مشدودة بالجسر. وتستعمل معزفة مصنوعة من ريش الصقور أو غشاء صلب او بلاستيك في النقر على الأوتار. أما جوف العود فمقوّى ضد ضربات العزف بشريحة مصنوعة من جلد السمك أو جلد الحيوانات. ويتكون الجزء الأعلى من الآلة من عنق يتم حشوه في جوف الوعاء الصوتي. وتعرف أعمال الزركشة شعبية كبيرة على هذه الآلة.

وانتشر العود من جنوب العراق في القرن السابع إلى شبه الجزيرة العربية

وتقول إحدى الأساطير الشعبية لتفسير إبداع العود أن لاماك، أحد أحفاد قابيل قد استلهم الفكرة لما رأى شكلها مرسوما بهيكل ابنه العظمي معلقا فوق شجرة. و تقول رواية أخرى أنه تم تطويره في عهد الملك الساساني شابور (241-272 قبل الميلاد) . وانتشر العود من جنوب العراق في القرن السابع إلى شبه الجزيرة العربية فبلغ شمال أفريقيا بعد ذلك.
ويعتقد أن العود ساعد في علاج الأمراض في القرنين 11 و19 الميلاديين. كما تم العزف على الآلة في ساحات المعارك وفي مرافقة الأغاني الاسترجاعية المعروفة بالصوت.
وتوجد آلات العود اليوم بوترين وأربعة وخمسة وستة و سبعة. والعود ذو الخمسة أوتار يعرف في المغرب العربي بالعود المشرقي هو الأكثر شعبية بها. ورغم ذلك يعتبر التونسي فوزي السيب أستاذا حيا للعزف على العود من سبعة أوتار.
وسعى التونسي محمد ميجري إلى الافتخار بمدى قبول العود وإعادة شعبيته في الموسيقى العصرية في حفل أحياه عام 2004 في النجمة الزهراء. كما استعمله الجزائري خالد لعزف مقطوعة فرانك سيناترا "طريقي" ومعزوفة جون لينين "تخيّل" خلال جولته في نيويورك. وتساهم شعبية العود في الموسيقى العربية في توليد الاهتمام بهذ الآلة الفريدة
__________________