ouadie Admin
تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 62 الموقع : www.youtube.com
| موضوع: معنى التذوق في الموسيقى .. الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 - 9:42 | |
|
إن جميع التحسينات التي أصابت الموسيقى خلال تطورها لم يكن الدافع إليها إلا الرغبة في التقدم بهذا الفن، ومضاعفة المتعة منه. ولهذا فعلى المستمع عند وقوعه تحت تأثير الموسيقى أن يكون واسع الأفق ساعياً إلى اكتساب القدرة على الاستماع. فالموسيقا هي الحركة في الزمن، وتعتبر لغة النغم، وأية لغة لابد من أن يكون لها حروف هجائية وقواعد منطقية تساعد على استخدامها وفهمها، حروف الموسيقا الهجائية هي (دو-ري-مي-فا-صول-لا-سي) والكونترابونط Counterpointعلم بناء التآلفات المتعددة على أساس من الانسجام في لحن واحد- وما عدا ذلك من فروع هي بمثابة البديع والبيان. وأنغام الموسيقا هي عبارات لحنية لها من المعنى ما لكلمات اللغات المنطوقة أو المكتوبة من دلالات مع فارق أن فهم لغة الموسيقا من نصيب الوجدان ويؤكد هذا القول الفيلسوف شوبنهاور عندما قال (الموسيقى لغة الشعور والكلام لغة العقل). وهنا يأتي دور التذوق الموسيقي وما يحمل من معاني خفية تلعب دوراً بارزاً في نفسية وفكر وكيان المستمع والمتذوق للموسيقا، وماذا يخفي في مكنونه العميق من الثقافة والنفسية حتى الفكرية بالنسبة للإنسان، وهذا ما أردنا أن نسلط الضوء عليه في هذا الموضوع. التذوق الموسيقي Musical Appreciation: يمكن أن نعرف التذوق بصفة عامة بأنه إعطاء قيمة وتقدير للشيء، أما التذوق الموسيقي فإنه الحساسية للقيمة لجمالية الموسيقا. والإحساس الجمالي لا بد وأن يتضمن الاستمتاع والمعرفة. والمبدأ الذي يجب الإيمان به هو وجوب الاستماع باهتمام ولو مرة واحدة لأي مقطوعة موسيقية، مهما اعتقد المستمع بأنها رديئة. وفي هذا الصدد يجب أن نوضح ما نعنيه بالاستماع، إذ أن هناك فرق جوهري بين كلمتي (استماع) و(سماع) فالاستماع listening. يتعلق بوظيفة العقل ويعني السماع مع توافر الهدف وهذا يتضمن الاستماع إلى الموسيقا للتعرف على جوانبها المختلفة ويعتبر الاستماع هدف التعليم المنظم. أما السماع hearing فمتعلق بوظيفة الأذن وهو عبارة عن تلقي المثيرات الصوتية أو الموسيقية دون الاهتمام الصريح بها. وعليه صنف علماء الموسيقا الاستماع إلى مستويات ثلاثة هي: - المستوى الحسي: وهو أبسط الطرق حيث يتم به الاستماع لمجرد التمتع بالأصوات الموسيقية ذاتها. وبه نستسلم إلى الاستماع دون تفكير أو تقدير للموسيقا بأية طريقة من الطرف فنفتح جهاز الاستقبال لنستمع للموسيقا ونغوص فيها دون تفكير ودون وعي بينما باقي الوقت نكون منشغلين بأعمال أخرى. - المستوى التعبيري: هو الاستماع إلى الموسيقا مع محاولة معرفة ما تعبر عنه وما تحمله من معان، وهنا نلاحظ بأن الموسيقا هي أدق من كل اللغات عندما تعبر عن حالة تعجز اللغات عنها بكلمات. ومنها يستطيع المستمع النابه أن يرسم في ذهنه الإطار الشعوري العام لما يدور حوله من الألحان سواء كانت مفرحة أم محزنة. - المستوى الموسيقي البحت: هو المستوى الحسي المنبعث من أصوات الموسيقا والمعبر عن الجانب الشعوري في الإنسان، فإن للموسيقا كيانها الناشئ عن نغماتها الموسيقية نفسها وعن معالجة هذه النغمات، ومعظم المستمعين لا يشعرون بهذا المستوى الثالث شعوراً كافياً. ومن هنا يأتي دور (الثقافة الموسيقية في التذوق) التي تعتبر الطريق الذي يمهد إلى تهذيب النفس ويعمل على تنمية حاسة التذوق والجمال. ولنعد ثانية موضحين ما لهذه اللغة من أثر، الموسيقا أعظم خطراً وأكبر أثراً من التصوير لأنها تشغل الناس محركة أحاسيسهم البدنية والروحية وتمثل الحركة في الزمن مثل السعادة والألم كما تحرك فيهم الذكريات، وللموسيقا من بين جميع الفنون هي التي تتيح للفنان أن يحرر عقله تحرراً كاملاً من الأفكار الدفينة التي ينطوي عليها شعوره، فتظل طي جوانحه نابضة ملحة قادرة على تغيير سلوكه، وإذا تأملنا مقطوعة موسيقية بطريقة منهجية فإننا نلاحظ بأنها تعبر عن جانب من جوانب المؤلف الشخصية. لذا نلح على القارئ الكريم أن يفهم الأهداف الرائعة التي ترمي إليها عملية التذوق عند الاستماع: أهداف التذوق: إذا ما أردنا أن نلخص أهداف التذوق الفني فيمكننا تلخيصها بالنقاط الآتية: - يساعد بشكل واضح وملموس في السمو بالذوق والإدراك الفني. - يجعل المستمع يفهم الموسيقا على أساس من الصحة والصواب للوصول إلى درجات واسعة من المتعة بالفهم الدقيق لها باعتبارها أداة التعبير عن الوجدان البشري. - يساعد على معرفة الشكل الظاهري للمقطوعة من حيث الصياغة والبناء. - اكتشاف القيمة الفنية الكامنة بالداخل، والتعرف على نماذج وصور من هذا الفن الرفيع الذي يترك في مستمعيه أثراً مستحسناً يحثه على الاستزادة والتوسع في المجالات الموسيقية المتعددة. ومن الجدير بالإشارة لدارس التذوق الفني أن لا يغفل عن نقطتين هما: - الطابع الموسيقي في كل عصر للتعرف كمستمع على الانطباعات الفنية التي لازمت تلك العصور، إذ أن دراسة أية حقبة زمنية معينة تتطلب بالضرورة دراسة الظروف المعيشية التي أوحت بها، فكل عمل فني لا يأتي من فراغ، إنما هو وليد شبكة عريضة من عدة عوامل ساعدت في وجوده، وفي الوقت نفسه ألبسته الثوب الذي ظهر به. - التحليل الموسيقي لبعض الأعمال الشهيرة مع تدوين بعض النماذج اللحنية لتلك الأعمال وذلك لتقريب المادة إلى إدراك المستمع بدلاً من سماع الموسيقا مجردة دون شرح أو تحليل العصور الموسيقية: إذا ما أردنا أن نقسم العصور الموسيقية حسب ظهورها عبر التاريخ فيمكننا اختصارها فيما يلي: - العصر الإغريقي الروماني Greco-Roman وهو امتداد لما بين عام 1200ق.م في مرحلته الإغريقية وبعد ذلك حتى عام 476 بعد الميلاد في مرحلته الرومانية. وقد تميز ببداية ظهور النظريات الموسيقية والمقامات ونظم وضبط وتحديد الذبذبات الصوتية الخاصة بكل صوت موسيقي وكذلك شهد نهضة في فلسفة الموسيقا ومن أبرز من حمل نظريات هذا العصر فيثاغورس، أفلاطون، بطليموس، وأرسطو. - العصر الرومانسيك Romanesque بدأ هذا العصر فيما بين عام (250م-1150م) وتميز بالطقوس الدينية الكنسية الموسيقية وقد برز فيه التدوين الموسيقي وتحديد قوالب الغناء الديني ومن مؤلفي هذا العصر جريجورين جيدو، دارسو، بوب. - العصر القوطي Gothic (1150-1400م) شهد هذا العصر تطور البوليفونية وقوالب الموسيقا الدينية، وبدأت الموسيقا الدنيوية بالولادة والظهور، كما استقرت أسس القداس الكنيسي وأضيف فيه الأصوات البشرية مصاحبة الآلات الموسيقية ومن أبرز مؤلفيه ليونين، لانريني. - عصر النهضة Renaissance (1400-1600م). شهد هذا العصر قمة تطور الغناء الجماعي (الكورال) بالأسلوب البوليفوني وفيه تطور استعمال الآلات الموسيقية كما ولدت فيه موسيقا (الحجرة) ومن مؤلفيه دي بريهن بالسترينا، جيريللي، دي لاسو. - عصر الباروك aroque بدأ هذا لعصر بين عام 1600 حتى 1750م وقد شهد هذا العصر بدايات كل من الأوركسترا والأوبرا وقوالب الكونشترتو والفوجه ومن أشهر مؤلفي هذا العصر باخ، هيندل، فيفالدي. - عصر الركوكو والكلاسيكية Rococoan Classical (1740-1800م) وهنا نلاحظ بأن هذا العصر قد تداخل مع عصر الباروك، وفيه شهد العالم مولد السيمفونية وتطور كل من قالب الصوناته والكونشيرتو والأوبرا، ومن أعظم مؤلفيه: هايدن- موتزارت وبيتهوفن. - عصر الرومانتيكية Romanticism (1800-1918م) وفيه شهد العالم مولد وتطور موسيقى البيانو وأغاني اليد والسميفونية ذات البرنامج والقصيدة السيمفونية ومن أشهر مؤلفيه بيتهوفن، شوبرت، شومان، شوبان، برامز، ليست، فاجز، برليوز. - عصر التأثيرية Impressionism (1880-1918م) يمتاز هذا العصر هو الآخر بالتداخل مع العصور التي سبقته (الرومانتيكية وموسيقا القرن العشرين) وتميز هذا العصر بموسيقا البيانو والقصيدة السيمفونية ومن أبرز مؤلفيه رافيل، وديبوسي. - القرن العشرين The Century بدأت موسيقى هذا القرن بعد العام 1900 وامتاز بالتعبيرية والكلاسيكية الجديدة، والرومانتيكية الجديدة واتجاهات كثيرة متعددة أخرى منها الموسيقا الإلكترونية الدوديكافونيه ومن أشهر مؤلفيه بانوك، هندميت، سترافنسكي، شتوكهاوزن، فيون. وفي الختام، فإن الصوت الجميل يولد اهتزازات في النفس تتحول إلى موجات مشعة تؤثر في المستمع، مصورة له مختلف العواطف بالألحان (إن كان عمل موسيقي يؤدي إلى إشعاع فكري ولوني يتشكل في صيغة قالب جمالي يسبح في الفضاء ويتم تحديد القيمة الجمالية للعمل الموسيقي وفقاً لهذا القالب الجمالي والروحي المحسوس. إن هذا الجمال هو الذي يشكل الطبيعة النفسية للبشر ويؤثر على إفرازات الغدد وعلى الطاقة الكامنة في الإنسان. وأخيراً، فإن قيمة التذوق لا تقل أهمية عن أي مجال مهم ومؤثر في حياة الإنسانية. حيث أن حاجة الإنسان إلى انتباه بشكل واعٍ ومنطقي إلى أثر التذوق- حيث إن كل واحد منا له قابليته الفطرية للتعرف على بعض الأصوات، وهذا لا يعني أن يقتصر هذا الاستعداد الطبيعي على تذوق نوع أو أكثر من الأنواع الذي تفضلها مما يحول دون تذوق الأنواع الأخرى، وأن المستمع قد ينفر من الموسيقى ذات التآلفات المتعددة ويرتاح إلى الموسيقى التي تؤدى على شكل غناء فردي أو آلة موسيقية واحدة مع تردد الجملة نفسها من قبل الفرقة الموسيقية وهذا إذا دل على شيء فيدل على أن المستمع العربي لم يسع إلى ترويض أذنه إلى تقبل الموسيقا ذات البناء الكبير والتآلفات الهرمونية والكونترابنطية.
باسم محمد أحمد /العراق
استاذ: كلية الفنون الجميلة
| |
|
ouadie Admin
تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 62 الموقع : www.youtube.com
| موضوع: رد: معنى التذوق في الموسيقى .. الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 - 10:23 | |
| التذوق الموسيقي والغنائي التذوق هو حرية الفرد في أختياراته العديدة وما يشعر من فرح وسرور أوحزن أو هموم أو حب ,هيام ,وخاصة في الأستماع للموسيقى أو الصوت المصاحب معه ( المؤدي , المطرب ,المغني,المغنية..أو مجاميع المنشدين ..الخ ) تبعاً لنشئته والبيئة التي أعتاد العيش فيها . هناك كتب عديدة حول تذوق الموسيقى ,وعن تاريخ الغناء ومراحله والأشكال الموسيقية ,من المقامات والآلات الموسيقية ,وغيرها وهي موجودة ضمن صفحات المنتدى ,ولقد أوصى مؤتمر الموسيقى العربية /15 ,الأهتمام بالتذوق الموسيقي من خلال برامج التربية الموسيقية في الأقطار العربية . أذكر هنا ومن أرشيفي ما كتبه الناقد الموسيقي عبد الوهاب الشيخلي والملاحظات التي أوردها في العام 1989 ,ملاحظات في التذوق الموسيقي والغنائي, : لاحظنا من خلال التجربة ان بعض الناس يميل الى لون معين من الغناء الريفي مثلاً, وهناك من يفضل الأستماع الى المقام العراقي , وهناك أيضاً من يستمتع بهذا اللونين من الغناء , مضافاً اليهما الموسيقى الأوربية الكلاسيكية الى جانب الأستمتاع بغناء البادية ,أو الأغاني المصرية , ولكننا نجد من يهوى الغناء الريفي بصوت معين ,داخل حسن مثلاً ,أو القبناجي في المقام العراقي ,أي يجد أسلوبهم في الغناء وهو ما يتذوقه ويشنف به آذانه ,أي المستمع , وهناك من كان يستمع الى أسلوب القندرجي في المقام أو عبد القادر حسون .. كل هذا يدخل في باب التذوق الفني الذي يتكون عند الفرد خلال سنوات طويلة نتيجة لتراكم ألحان وأنغام معينة بتأثير البيئة ولكنه قد يتحول بعد سنوات ليصغي الى ألحان جديدة ويتأثر بها ويأخذ في البحث عن مصادر تلك الألحان والأنغام والأصوات , وقد ذكر له الدكتور علي الوردي أنه مر بمراحل عديدة في هذا المجال.. وأن الألحان والأغاني التي كان يستسيغها في عهد الشباب لم تعد محتملة ومقبولة عندما تجاوز الستين من عمره . والمعروف ان الذي يرسخ في الذهن وتبقى جذوره ثابتة هي الألحان التي يسمعها الفرد في عهد الطفولة والصبا, ومهما أرتقى الأنسان في مجال العلم والثقافة والمعرفة ..فأن حنينه للأصوات القديمة لن ينقطع من حياته مطلقاً . مثلاً هناك أشخاصاً يفضلون صوتاً معيناً ,ويحملون شهادات عليا وفي الثمانين من العمر لايستمع الا لصوت* حريب – ولايتأثر الا بالآغاني التي نسجت من مقام الرست ,أو لايردد بينه وبين نفسه سوى أغنية " لو حن دليلي "ويقول عن هذه الأغنية أنها تعادل كل سيمفونيات وأعمال بيتهوفن في الغرب وكل ما غناه عبد الوهاب في الشرق ,ولا أعتراض طبعاً ,لآن المسألة هنا تدخل في باب التذوق الموسيقي والغنائي . وهناك من هو موسوعي في هذا المجال فهو يستمع الى كل ما تقدمه البشرية من أنتاج موسيقي وغنائي وبكل اللغات ويستمتع بغناء البادية وغناء الريف والمقام العراقي والبستة البغدادية ويستمتع بالموسيقى ورباعيات بتهوفن وجايكوفسكي ,أو كورساكوف ( مؤلف س .شهرزاد). ويذكر أحد الأشخاص انه كان في زيارة للريف ( البزايز) وعند حلول العصر سمع دوي أطلاقات نارية مصدرها القرية ,ولدهشته علم بعده ,ان السبب غناء مطرب الربابة ملا ضيف الجبوري ,وهو يسأل ,هل سمعت يوماً ان عراقياً اخذ يهلل ويطلق عيارات نارية بعد سماعه احدى أغنيات محمد عبد الوهاب ؟ ويعقب الشيخلي على السؤال الوارد له ,بأن الموسيقار محمد عبد الوهاب قد مر في مثل هذه المواقف الخطرة عندما كان يغني في الريف المصري في أول عهده بالغناء وأكتفى بعد ذلك الغناء في المسارح والأفلام والتسجيل في الأذاعة وشركات الأسطوانات وبعدها أنقطع نهائياً عن أحياء الحفلات في الريف المصري ,لأن الأطلاقات النارية لاتتفق مع لون الغناء الذي يمارسه ... ومحمد عبد الوهاب لايعتبر من المطربين الشعبيين رغم أتساع شهرته في جميع أنحاء الوطن العربي ,, وكما ان المغربي والتونسي والمصري واللبناني والأردني والخليجي يستمتع بغناء ناظم الغزالي ,فأن الجمهور يجد في محمد عبد الوهاب نجماً عربياً لامعاً استطاع بألحانه العذبة وصوته الرقيق وأحساسه ان يحقق الكثير في مجال الموسيقى والأغنية العربية المتطورة, ورغم ذلك تبقى القنوات المتعددة والمتنوعة لكافة الأذواق للأغتراف منها .. وهذا ينطبق على الكتب والمجلات والصحف والأذاعات والتلفزيون في الوطن العربي ووسائل الأعلام المختلفة في مجال الأدب والفن والثقافة ..وذلك هي أحدى مميزات لغتنا العربية الواحدة .. في وطننا العربي الكبير .. ويقول الشيخلي , لاأعتقد ان الأطلاقات النارية من شروط الغناء الجيد أو تنسجم معه,والا كان بتهوفن أكثر الفنانين غبناً في كل الأزمنة والعصور . لذلك نسمع هنا في منتدى سماعي من كل ماورد أعلاه ,من الرواد الأوائل وعصر النهضة الموسيقية ونجوم الطرب والموروث والشعبي لكل قطر ,فهي مجتمعةً أرضاء لكل الأذواق وما يودون من سماعه هنا , تحياتي وتقديري .
| |
|