المساجد العائمة على الماء بماليزيا:
نشوة المكان وروعة الاعتكاف في رمضان
مبعوثة الشروق إلى ماليزيا: نادية شريف
لا توجد كلمات دلالية لهذا المقال
2013/07/12 (آخر تحديث: 2013/07/12 على 17:48)
مسجد الكريستال
صورة: (الشروق)
18
هل قادك خيالك يوما إلى استشعار روعة الصلاة في مكان تحيط به الزرقة من كل جهة؟ وهل يمكن أن تقيس ما مقدار لذّة التراويح مع مقرئ شجي الصوت، وداخل مسجد يتموقع وسط بحيرة؟ بل هل كان لك الحظ في زيارة أحد المساجد العائمة؟ إن لم تكن قد جربت يوما متعة العبادة في جو كله خشوع وانتعاش، فتعالى معنا بدون تأشيرة لتعيش بعض اللحظات الدافئة، حيث ترتمي الروحانية في أحضان الجمال بكل دلال فتدغدغ الحواس التائهة، وتضرب لها موعدا مع الاعتكاف.يوجد بكل ولاية من ولايات مملكة ماليزيا، نموذج فريد وغير مكرر لمسجد عائم قواعده مرتكزة في عمق الماء، وهيكله الأنيق يرسو على السطح ليسحر الناظرين سواء بألوانه الزاهية والمتناسقة، أو نظرا لروعة النقوش والزخرفات، يقول سفيان بورقعة، وهو جزائري يشغل منصب إمام في أحد مساجد العاصمة كوالالمبور، من سنوات: "كثرة المساجد العائمة في ماليزيا يرجع بالدرجة الأولى إلى كونها دولة سياحية، وتركّز على الجمال في كل شيء للفت أنظار العالم لتحفها النادرة، ليس هذا فحسب بل إن المسجد في ماليزيا لديه إدارة خاصة ومراكز خدمات، ومن المساجد من زودت بأحدث التقنيات لأن المسجد ليس مكانا للصلاة وحسب بل فضاء للراحة، الانتعاش، التعلّم، وغيرها من النشاطات التي تزيد من علاقة الأفراد بالمساجد وتخفف من ضغوطات الحياة".
مسجد الكريستال: "ملك متربع على عرش بحيرة تيرينغانو الاصطناعية"في مدينة "كوالا تيرينغانو" الواقعة شمال شرق شبه الجزيرة الماليزية، وبالضبط في إقليم "ون مان إيلاند" في الحديقة التراثية يتربع مسجد الكريستال بجماله الساحر على ضفاف بحيرة اصطناعية، كملك متوج يتباهي بكرسي العرش، إنه واحد من أروع التحف المعمارية والمعالم السياحية في المنطقة، وأحد أكبر المساجد في المملكة الماليزية.
استمرت عملية تشييد هذا المسجد الفاخر مدة سنتين كاملتين، بدء من العام 2006 بأمر من السلطان "ميزان زين العابدين"، وقد استعملت قطع الكريستال الخالصة بتناسق مغر كي تكون واجهة جذب تصنع التميز.
يتسع مسجد الكريستال لأزيد من 15 ألف فرد من المصلين، ويمتلأ عن آخره خلال تراويح الشهر الفضيل، بالإضافة إلى استقطابه لوفود السائحين كأول وجهة في المنطقة بلا منازع.
جهزت البنية التحتية لمسجد الكريستال بتكنولوجيا المعلومات وتغطية أنترنت عالية الجودة، ليصنف بالنظر لهذه الخاصية الفريدة كأول مسجد ذكي يتيح لمرتاديه قراءة القرآن الكريم إلكترونيا، كما يحتوي على أربعة أبراج من البلور الشاهقة، هي في الحقيقة عبارة عن مآذن لإعلاء كلمة الله.
وقت الظهيرة وحين تضرب الشمس بأشعتها الحارقة على سطح الكريستال، تتراءى للناظرين صورة هي أقرب ما تكون للخيال، أما في غيهب الغسق وحين يسدل الليل ستائره السوداء ويضاء المسجد كليا من الداخل فإن اللسان يعجز عن الوصف لأنه يبدو كالكوكب الدري في الأفق، كوكب مختلف الألوان يسحر الناظرين بجماله، ويدفع كل من بيده آلة تصوير إلى المسارعة لأخذ لقطات ليست ككل اللقطات.
مسجد بوترا العائم في بحيرة بوتراجايا:"حين يمتزج الجمال بسحر المكان"مسجد بوترا، مسجد آخر يفوق الوصف ويلامس الخيال، يقع بمحاذاة قصر الحكومة الماليزية، وعلى ضفاف بحيرة "بوتراجايا" الاصطناعية، يعتبر هذا المسجد البديع أحد أهم نقاط الجذب السياحي في العاصمة الإدارية لماليزيا، أما ميزته الأساسية التي لا تخطر على بال أحد فهي توفره على خاصية تبريد طبيعية دون الحاجة لمكيّفات هوائية، هذا فضلا عن ألوانه المتناسقة التي تبعث على الهدوء والراحة النفسية.
شيّد مسجد بوترا بالغرانيت وردي اللون، وهو مقسم لثلاثة أجزاء رئيسية "قاعة الصلاة، الصحن أو فناء المسجد والعامود"، بالإضافة إلى عديد المرافق الضرورية كقاعات المناسبات، ألعاب للأطفال، والفصول التعليمية، يقول عبد الله، وهو يمني مقيم بماليزيا: "المساجد في ماليزيا ساحرة والأجواء فيها أكثر سحرا خصوصا ونحن في رمضان وخصوصا في المساجد العائمة التي جمعت بين جمال التصميم والموقع الاستراتيجي، مثل مسجد بوترا الفريد والذي يعد الاعتكاف فيه ضربا من ضروب الحظ الوافر لما له من سحر وجاذبية".
المساجد العائمة على الماء"وجهة السائحين وقبلة المعتكفين"مسجد كوتا كيمبالو، الكريستال، تنكو زهرة، بوترا، بينانغ، سيلانجور وغيرها كلها مساجد عائمة في المملكة الماليزية، جمعت بين سحر المكان والمواقع الاستراتيجية فراق للكثيرين أن يصنفوها ضمن قائمة المغريات فائقة الجاذبية، خاصة وأن تصاميمها ذات جودة عالية وغير عادية يقول عبد القادر، جزائري مقيم بماليزيا: "لا يمكن لأحد أن يقدّر روعة الصلاة في مسجد عائم لأن الشعور يفوق الوصف، ومهما تكلمنا لن نفي الموضوع حقه لأنّ امتزاج الجمال بالجاذبية والروحانية، وكثرة النشاطات الخيرية في شهر الخيرات له طعم فريد يعرفه فقط من كان له الحظ في التعبّد في أحد المساجد العائمة على الماء"، ويقول وائل، سوري مقيم أيضا هناك: "أينما وجدت مسجدا عائما وجدته وجهة للسائحين، وقبلة في رمضان للعابدين والمعتكفين الهاربين من حرارة الطقس إلى نشوة المكان، ولذّة التعبّد في أجواء من الانتعاش الروحي".