الفترة المعاصرة :
تأثر اليهود الشرقيون (من الوطن العربي) بالموسيقى العربية وبمقاماتها واستخدموها في ترتيل صلواتهم والتلحين مزاميرهم بها. ومن بين الشعراء اليهود في أرض إسرائيل في بداية القرن الماضي الشاعر آشر مِزراحي الذي وُلد في مدينة أورشليم عام ١٨٩٠م وسافر إلى تونس ومصر وكتب كثيراً من الأغنيات بالعبرية التي ما زال اليهود الشرقيون ينشدوها حتى يومنا هذا. وقد كان معه الملحن راحاميم عمار الذي لحن كثيراً من أغنيات آشر مزراحي، وعزف على العود وغنى في المقاهي العربية في مدينة يافا، ومعروف عنه بأنه كان يتبع الكثير من وصايا التوراة فهو لم يكن يعمل أيام السبت والأعياد اليهودية وفقاً لتعاليم الدين اليهودي. قد تتلمذ على يده الكثير من المغنيين. ندعو قراءنا الأعزاء للاستمتاع بالألحان راحاميم عمار بصوت المغني داود رِياحي.
تأثر اليهود الشرقيون (من الوطن العربي) كثُر عدد الموسيقيين والملحنين اليهود في العراق في بداية القرن العشرين، وعندما افتتحت إذاعة العراق عام ١٩٣٦م كان اليهود يشكلون نسبة كبيرة من موظفيها والقائمين على إدارتها. وكان الأخوانِ صالح (١٩٠٨-١٩٨٦) وداود (١٩١٠-١٩٧٦) الكويتي موسيقيين يهوديين عراقيين يعتبران من أهم الموسيقيين في النصف الأول من القرن العشرين. وعندما زارت سيدة الغناء العربي، أم كلثوم، بغداد عام ١٩٣٢ أعجبت بأغنية «قلبك صخر جلمود» التي لحنها صالح الكويتي للمطربة سليمة مراد. وقد غنت أم كلثوم هذه الأغنية بعد أن علمتها سليمة مراد اللحن والكلمات. وهذه هي المرة الوحيدة التي غنت فيها أم كلثوم لملحن غير مصري. في بداية الخمسينات من القرن الماضي ترك صالح وداود الكويتي العراق ووصلا إلى أرض إسرائيل حيث تابعا أعمالهما الموسيقية هناك في إذاعة «صوت إسرائيل». ندعو قراءنا الأعزاء بالاستمتاع بأغنية «يالماشي الله وياك»، وهي من الحان صالح الكويتي ويعزفها على الكمان أحمد الجوادي.
ولد زكي أفندي مُردُخاي (مراد) في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في العراق ثم انتقل إلى مصر وعاش في مدينة الإسكندرية. ومنها انتقل إلى القاهرة حيث تعلم الموسيقى والغناء. واشتغل في تجارة الأقمشة وظهرت موهبته في الغناء عندما كان يردد أغنيات عبده الحامولي ومحمد عثمان. تزوج من جميلة بنت إبراهيم سالومون (سليمان) التي تنحدر أسرتها من اليهود المصريين وأنجبت له ستة أولادٍ منهم ابنته ليلى وابنه موريس الذي أصبح منير. كان زكي مراد يمتلك صوتاً رخيماً وقد تأثر بأستاذه عبد الحي حلمي. لم يكن زكي مراد مجرد مطرب وملحن ولكنه كان جذراً لعائلة فنية. لم يعش زكي مراد ليشهد نهاية تاريخ الطائفة اليهودية في مصر حيث رحل عن دنيانا. ندعو قراءنا الأعزاء للاستمتاع بأغنية غناها زكي مراد مع بناته.(١)
استندت كل أغنية على ثلاث المكونات أساسية: الشاعر الذي يكتب كلماتها، والملحن الذي يضع أنغامها، والمطرب الذي يغنيها. ندعو قراءنا الأعزاء للاستمتاع بالأغنيات التي غُنيت في الأصل باللغة العربية وأحبها اليهود وغيروا كلماتها إلى اللغة العبرية.