بسم الله الرحمن الرحيم
دلائل العلم الجزائري
استعملت عدة الدول السابقة أعلاما مختلفة، آخرها، ظهر أثناء حرب التحرير، و التي ترمز ألوانه: الأبيض لحب السلام، الأحمر لدم الشهداء، أما الأخضر كغيره في ليبيا، رمز الإسلام (أو الاشتراكية)، الهلال و النجمة من العهد العثماني
مولد و نشأت مفدي زكريا
هو الشيخ زكرياء بن سليمان بن يحيى بن الشيخ سليمان بن الحاج عيسى، وقد ولد يوم الجمعة 12 جمادى الأولى 1326هـ، الموافق لـ: 12 يونيو 1908م، ببني يزقن ،أحد القصور السبع لوادي مزاب، بغرداية ،في جنوب الجزائر من عائلة تعود أصولها إلى بني رستم مؤسسوا دولة الرستميون في القرن الثاني للهجرة
لقّبه زميل البعثة الميزابيّة والدراسة الفرقد سليمان بوجناح بـ: "مفدي"، فأصبح لقبه الأدبيّ الذي اشتهر به.كماكان يوَقَّع أشعاره "ابن تومرت"، وكان ابن تومرت واحداً من المجاهدين المسلمين ومؤسس دولة الموحدين.
وفي بلدته تلقّى دروسه الأولى في القرآن ومبادئ اللغة العربيّة.
بدأ تعليمه الأول بمدينة عنابة أين كان والده يمارس التجارة بالمدينة
ثم انتقل إلى تونس لمواصلة تعليمه باللغتين العربية و الفرنسية و تعلّم بالمدرسة الخلدونية ،و مدرسة العطارين.
درس في جامعة الزيتونة في تونس ونال شهادتها.
حياته العملية:
انضم إلى صفوف العمل السياسي والوطني منذ أوائل الثلاثينات.
كان مناضلاً نشيطاً في صفوف جمعية طلبة شمال إفريقيا المسلمين.
كان عضواً نشيطاً في حزب نجمة إفريقيا الشمالية.
كان عضواً نشيطاً في حزب الشعب.
كان عضواً في جمعية الانتصار للحريات الديمقراطية.
انضم إلى صفوف جبهة التحرير الوطني الجزائري.
سجنته فرنسا خمس مرات، ابتداء من عام 1937م، وفر من السجن عام 1959م.
ساهم مساهمة فعالة في النشاط الأدبي والسياسي في كامل أوطان المغرب العربي
عمل أميناً عاماً لحزب الشعب.
عمل رئيساً لتحرير صحيفة "الشعب" الداعية لاستقلال الجزائر في سنة 1937م.
واكب شعره بحماسة الواقع الجزائري، بل الواقع في المغرب العربي في كل مراحل الكفاح منذ سنة 1925م حتى سنة 1977م داعياً إلى الوحدة بين أقطارها.
ألهب الحماس بقصائده الوطنية التي تحث على الثورة والجهاد حتى لقب: بشاعر الثورة الجزائرية.
هو صاحب نشيد الثورة الجزائرية و النشيد الوطني الجزائري المعروف "قسما".
معنى ونشأة وتطور النشيد :
"قسماً" هو عنوان النشيد الوطني الجزائري الرسمي الذي ما يزال بعد أزيد من 50سنةمن تأليفه يبكي الصغار قبل الكبار ممن لا يعرفون عن الثورة سوى ما يقدم لهم فوقصفحات الكتب، هو النشيد الذي تقشعر له أبدان من عاشوا مرارة الثورة وقساوةالاحتلال، وتنهمر لسماعه دموع من يتذكرون جرائم جلادي فرنسا الاستعمارية، جرائمالجنرال "كافينياك" و"جاك ماسو" والكولونيل "مارسيل بيجار" مهندس عملية تعذيبواغتيال الشهيد البطل العربي بن مهيدي الذي قال عنه وهو يأمر بنزع جلد رأسه وهو حي "لو كنت أملك خمسة من أمثال العربي بن مهيدي لفتحت العالم". قسما، هو النشيد الذيما يزال اليوم يدوي في ساحات المدارس الابتدائية، وتزغرد حين سماعه العجائز منالأمهات اللائي صنع أبناؤهن تاريخ بلادهم بالأيادي والدماء لينعم أطفالهم بالحرية.. قسماً هو النشيد الذي ما يزال يرعب أركان من ظنوا يوما أن الجزائر لن تكون إلاّفرنسية، ويحاولون اليوم الرمي بأبياته النارية في سلة المهملات، حتى لا يتذكرواالهزيمة بل النصر الذي حققته قوافل مليون ونصف المليون شهيد جزائري.
و يعود الحديث اليوم عن النشيد الوطني الجزائري بعد الفضيحة التي يشهدها قطاعالتربية، فضيحة تمس بالسيادة الوطنية بعد اكتشاف أولياء التلاميذ والمعلمين أنالنشيد الموسوم ب "قسماً" بتر منه المقطع الثالث الذي يعاتب فيه كاتبه شاعر الثورةالجزائرية مفدي زكريا فرنسا الاستعمارية ويتوعدها بشديد الحساب، وهو النشيد الذيأضيف لكتاب السنة الخامسة من الطور الابتدائي لأول مرة ولم يكن يشتمل عليه كتابالتربية المدنية لتلامذة السنة الماضية، وهو ما جلب اهتمام المربين والأولياء إلىنصه قبل اكتشافهم أن نص النشيد الوطني الذي يعد أحد أهم رموز السيادة الوطنية مثلهمثل العلم والعملة، منقوصا من أحد أهم أبياته الشعرية التي أججت روح العداء تجاهفرنسا الاستعمارية ودفعت بقوافل الشهداء للتضحية بالنفس والنفيس من أجل استقلالالبلاد.
وأثار حذف الأبيات الشعرية التي تعاتب فرنسا الاستعمارية استياء ما يعرف ب "الأسرة الثورية" التي عبرت في تصريحات للصحافة عن أسفها للتشويه الذي طال النصالكامل للنشيد الوطني، الذي ينظر إليه دستوريا على أنه "نشيد رسمي مؤسس بقانون ولايمكن لأي كان حذف أي فقرة أو جملة منه"، وعلمت "الرياض" أمس أن وزارة التربيةالوطنية التي يقودها منذ أزيد من 15سنة ابو بكر بن بوزيد، أحد أهم رجالات حكومة عبدالعزيز بلخادم قرباً للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، قد تفطنت منذ أزيد منأسبوعين للبتر الذي لحق بنص النشيد الوطني الرسمي الذي يردّده إجباريا أطفالالمدارس الابتدائية بداية ونهاية كل أسبوع على مدار السنة كلها، لكنها فضلت عدمإثارة الموضوع علنا إلى حين اكتمال التحقيق الذي شرعت فيه لمعرفة إن كان الحذف الذيطال المقطع الثالث من النشيد الوطني "خطأ مطبعيا" أو "عملا متعمدا" حيث تجهلالوزارة لحد الآن هوية الذين أمروا بحذف المقطع بالرغم من أن الكتاب وسائر الكتبالموجهة للتعليم الرسمي صادرة عن هيئة رسمية معتمدة تتكفل منذ عشرات السنين بطبعالكتاب المدرسي لكامل الأطوار التعليمية.
و ليست هذه المرة الأولى التي يثار النقاش والجدل حول النشيد الوطني الجزائريالرسمي الذي لحّنه الموسيقار المصري محمد فوزي ونظمه شاعر الثورة الجزائرية مفديزكرياء بالزنزانة رقم 69بسجن بارباروس سابقا، سركاجي حاليا بالعاصمة الجزائر عندماكان معتقلا العام 1956، أي سنتين فقط بعد اندلاع الثورة التحريرية المسلحة، حيث سبقلذات النشيد أن كان محل محاولات لتغييره وتقديم مشروع قانون لتعديله، بل محل ضغوطاتلم يكشف عنها، خلال حكم الرئيس الشاذلي بن جديد، اختفى معها مقطع "يا فرنسا" قبل أنيعاد له الاعتبار في فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهي نفس الضغوطات التيحاولت إلغاء وزارة المجاهدين باعتبارها صفحة من صفحات الماضي الذي لا يجب أن يعكرصفو العلاقات بين الجزائر وفرنسا لمرحلة ما بعد الاستقلال. كما تعرض ذات المقطع إلى "المقص" العام 1983عندما انتبه المطلعون على ديوان "اللهب المقدس" لمفدي زكرياء،الصادر آنذاك عن هيئة نشر رسمية هي المؤسسة الوطنية للنشر والتوزيع إلى خلوالصفحتين 71و 72اللتين تضمنتا نص النشيد الوطني من هذا المقطع، رغم أن الديوان تولىتصديره وكتابة مقدمته سليمان الشيخ نجل مفدي زكرياء، ووزير الثقافة السابق.
و تتزامن الفضيحة التي انطلق بها الموسم الدراسي الجزائري الجديد، مع تعليماتصارمة وملاحظات شديدة اللهجة كان الرئيس الجزائري قد وجهها إلى وزيره للتربية أبوبكر بن بوزيد منذ سنة، يدعوه فيها إلى تدعيم الحصص الخاصة بالتاريخ الوطني وزيادةحجمها الساعي بما يحبب التلاميذ في تاريخهم وينمي وعيهم بالوطنية والهوية والشخصيةالجزائرية وهذا على خلفية تنامي ظاهرة غياب الروح الوطنية لدى التلاميذ والشباب علىوجه الخصوص، وهي نفس الظاهرة التي كشفت عنها أحداث أكتوبر 1988عندما خرج الشبابللشارع يرددون من بين أهم ما كانوا يرددونه ويحملونه من شعارات "التاريخ فيالمزبلة". كما تتزامن الفضيحة مع حالة من الشد والجذب تشهدها العلاقات الجزائرية - الفرنسية على خلفية فشل البلدين منذ العام 2005في التوقيع على معاهدة الصداقةلأسباب تتعلق بالذاكرة أو ما يعرف بالماضي الاستعماري الفرنسي في الجزائر، وهوالماضي الذي يمجّده قانون 23فبراير الفرنسي، ويعرقل اليوم كل تقارب جدي بين باريسوالجزائر.