ouadie Admin
تاريخ التسجيل : 02/10/2009 العمر : 61 الموقع : www.youtube.com
| موضوع: معنى الأداء الموسيقي .. الخميس 22 مايو 2014 - 10:46 | |
|
يعتبر الأداء الموسيقي ، الوسيلة التي يمكن من خلالها تقديم الأعمال الموسيقية إلى المتلقي ، وترجمتها من مشاعر إنسانية ، ومن رموز مدونة إلى نغماتٍ وأصوات ٍ تعبر عن حضارة موسيقية لزمان ٍ أو مكان ٍ أو مؤلفٍ ما .
وكثيراً ما ارتبط الأداء الموسيقي بأنواع مختلفة من التفسيرات منها ، العاطفية والخيالية ومنها الفلسفية ومنها النفسية والتجريبية . وهناك أوجها ً للاختلاف في التفسير نابعة أصلاً من تحديد معنى المصطلح ومدلوله اللغوي . فالخياليون يعتبرون الموسيقى جمالا ً مسموع ، وهي لغة فهمها من نصيب الوجدان إذ إنها لا تتحدث عن الحقائق وهي تنتج تأثيراً على العقل مشابهاً لتأثير الدواء الجيد على الجسم ، وهناك الكثير من القصص والأساطير القديمة التي تناولت موضوع الأداء الموسيقي وربطت بين عواطف الإنسان وانفعالاته وبين قدرته على التأثير السمعي الخارق للطبيعة . ويرى الفلاسفة إن الأداء الموسيقي مرتبط بالمثل والأخلاق ، وقد ذهب أفلاطون والشعوب القديمة من قبله إلى إن الموسيقى إلهية في ذاتها ومراميها ، واعتبر الصينيون القدماء إن الموسيقى وطيدة الصلة بالخلائق الأساسية للناس . حتى إن الكثير من الفلاسفة قد أثاروا الجدل حول الظاهرة الموسيقية فيما إذا كانت تعتبر خبرة تجريدية إذ لا تنطوي الأنغام الموسيقية على معان ٍ محدودة المعالم خارجة عن ذاتها ، أم إنها خبرة محسوسة يمكن تعيين أبعادها ، وقياسها وإخضاعها للبحث العلمي . وتختلف نظرة علماء النفس إلى الأداء الموسيقي عمن سبقهم من الشعراء والفلاسفة كونهم أكثر تمسكاً بالنتائج ذات القيمة الموضوعية أو التي تخضع للتجربة والقياس ، فالأداء الموسيقي ينقل معان ٍ انفعالية وتذوقية مضافاً إليها معان ٍذهنية تجريدية خالصة ، وهذا المزيج المحير من التجريد مع الخبرة الانفعالية المحسوسة يمكن إذا فهما بشكل ٍ سليم أن يقدما تبصراً نافعاً في مشاكل أكثر عمومية للمعاني وسبل التوصيل ، خاصة ً تلك التي تشتمل على خبرات جمالية وتذوقية . وقد اتجهت تجارب علماء النفس باتجاهين : الأول ، هو تأثير الموسيقى على الوظائف الفسيولوجية للكائن الحي . والثاني ، هو تأثير الموسيقى على عقل الإنسان . وقد أمكن التوصل إلى إن الموسيقى تستطيع من خلال الأداء أن تستثير استجابات جسمية عقلية ضمن جهازي الدوران والتنفس وغيرهما ، وإنها يمكن أن تؤثر في أمزجة الأفراد وانفعالاتهم النفسية . وفي هذا الشأن يروى عن العالم والفيلسوف والموسيقار الفارابي انه عزف على عوده لجمهور من المستمعين فأبكاهم ثم أضحكهم ثم نومهم . ورغم عدم وجود تدوين أو تصور لنوع الأداء الذي قدمه الفارابي لسامعيه ، إلا أن علماء النفس لا يستبعدون إمكانية تحقيق استجابات نفسية وانفعالية بهذا المستوى من خلال الموسيقى المؤداة مباشرةً من قبل مؤديها . وقد أدرك الإنسان أهمية الأداء التعبيري الموسيقي منذ أقدم الحضارات الإنسانية . إذ جاء في المخطوطات العراقية القديمة الكثير من الإشارات حول الأداء الموسيقي ، ومنها المثل السومري القائل " إذا حفظ المغني أغنية واحدة وأجاد أدائها فهو مغن حقيقي " ، ومما لاشك فيه إن قولاً مأثورا في الأداء الموسيقي بهذا التحديد لدلالة على مستوى الحضارة التي أفرزته ، ورفعة الذوق الجمالي الذي تمتعت به جماهيرها ، ومدى تمييزها لمتطلبات الفن الموسيقي الأدائي والمتمثلة بخبرة المؤدي وقدرته على استخلاص ما في المؤلفة من أو الأغنية من شحنات عاطفية ، وإبرازه لها باستخدامه وساطات تعبيرية أدائية يتلقنها العازف ويوظفها في أدائه ليستطيع التعبير عن إحساسه وإحساس البيئة أو العصر الذي ينتمي إليه . وقد سبقت الحضارة العربية الإسلامية غيرها ، في شرح الأداء الموسيقي ، وجاء ذلك في مخطوطات موسيقية عديدة ، منها ما ورد في ( كتاب الموسيقى الكبير) للفيلسوف الموسيقار أبو نصر الفارابي ، الذي وصف مختلف ألوان الصوت الغنائي وطرق إخراجها في قسم اسماه ( فصول الأصوات بالكيفية ) . ولكي نفهم الأداء الموسيقي فهما علميا مجردا يمكن القول، إن الأداء غنائيا كان أم آليا يتطلب دائما مهارات فنية جسدية يقضي الفنان المؤدي جزءاً كبيرا من حياته محاولا إتقانها وتوظيفها في أدائه . ويعمد مؤلفو الموسيقى إلى كتابة مصطلحات موسيقية ورموز وإشارات خاصة يفهم من خلالها المؤدي نوع الأداء المطلوب . وقد يضفي المؤدي على العمل الموسيقي بعض ألوساطات التعبيرية الأدائية وذلك أما لإظهاره بصيغة أجمل ، أو لإبراز بعض جماليات الصوت البشري وامكانات الآلة الموسيقية ، أو لغرض التنويع وكسر الملل ، وأحيانا لإعطاء العمل الفني روحية أدائية خاصة تعرف بروحية المؤدي .
| |
|