بسم الله الرحمن الرحيم
السهو عن الصلاة
لقوله تعالى: فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون.
والويل: هو واد في جهنم لو سيّرت فيه جبال الدنيا كلها لذابت من شدة حرّه.
والحمد لله رب العالمين أن قال تعالى: والذين عن صلاتهم ساهون، ولم يقل: والذين هم في صلاتهم ساهون لهلكنا جميعا ذلك أننا جميعا نسهو في الصلاة، وليس المقصود بالذين عن صلاتهم ساهون هم تاركوا الصلاة بالكلية، بل هو الذين يتكاسلون عن الصلاة فيؤخرونها عن أوقاتها، أي لا يصلون الفجر الا بعد طلوع الشمس، ولا يصلون الظهر الا قبيل وقت العصر بقليل، وهكذا بقية الصلوات، فالمتهاونون بها، والمتغافلون أوالمشغولول عنها بأمور الحياة هم المعنيون بقوله تبارك وتعالى، والويل ليست كلمة عابرة كقول أحدنا للآخر يا ويلك اذا فعلت كذا وكذا وينتهي الأمر، وانما الويل هو مسكن من يتهاون بالصلاة فيؤخرها عن وقتها ويموت من دون توبة، والويل جزء جزيء من الغي الذي وعد الله عزوجل به المضيعين لصلاتهم كما في قوله تبارك وتعالى:
فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتلعوا الشهوات فسوف يلقون غيا
والغي: هو واد في جهنم، بعيد قعره، خبيث طعمه، شديدة حرارته وجهنم نفسها تستغيث من شدة حرارته.
وما أمره سبحانه وتعالى لعباده بقوله: يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله (وقد بيّن العلماء أنّ المقصود من ذكر الله هنا الصلوات الخمس)
وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم حال من يتهاون بها ولم يحافظ عليها تماما كحال فرعون وقارون هامان وأبي بن خلف وجميعهم ملعونون في الدنيا والآخرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من هذا: من حافظ عليها (أي الصلاة) كانت له برهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له برهانا ولا نجاة يوم القيامة، وكان يوم القيامة مع فرعون وقارون وهامان وأبي بن بن خلف.
وانما يحشر تارك الصلاة مع هؤلاء الأربعة لأن من ينشغل عن الصلاة انما ينشغل عنها لأسباب أربعة: بسبب المال، أو الملك، أو الوزارة، أو التجارة، ومن انشغل عن الصلاة لأجل المال فقد حشره الله تعالى مع قارون.
ومن انشغل عن الصلاة لأجل وزارته، فقد حشره الله تعالى مع هامان.
ومن انشغل عن الصلاة لأجل ملكه، فقد حشره الله تعالى يوم القيتامة مع فرعون.
ومن انشغل عن الصلاة لأجل تجارته فقد حشره الله تعالى مع أبي بن خلف.
هذا عدا على أن تارك الصلاة يعتبر كافرا، بنص الحديث الشريف لقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر.
وحين كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في دعاءه : اللهم لا تدع فينا شقيا ولا محروما. سأل أصحابه الكرام رضي الله عنه: أتدرون من الشقي المحروم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال عليه الصلاة والسلام: تارك الصلاة.